للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمع النداء أحدكم والإناء في يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه» (١).

وجه الاستدلال: معلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد النداء الثاني الذي أخبر أنه بعد طلوع الفجر (٢).

الدليل الرابع: عن زِر بن حُبَيش (٣) قال: قلت لحذيفة - رضي الله عنه -: يا أبا عبد الله، تسحرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، قلت: أكان الرجل يبصر مواقع نبله؟ قال: «نعم، هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع» (٤).

وجه الاستدلال: أن حذيفة ¢ يحكي أنهم تسحروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الفجر وأحدهم يبصر مكان نبله، وضوء النهار قد انتشر (٥).

الترجيح: الذي يترجح والله أعلم هو القول الأول أن المعتبر في تحريم الأكل والشرب طلوع الفجر؛ لصحة ما استدلوا به ولصراحته, ولموافقته ما جاء في القرآن الكريم والسُنَّة.

ولكن ها هنا تنبيه: فقد ظهر في هذه الأزمنة المتأخرة، الاعتماد الكامل على ما يسمى بالتقويم في إثبات دخول مواقيت الصلاة، ومن ذلك صلاة الفجر.

والإشكال: أن هذه التقاويم مختلفة أشد الاختلاف، فكل هيأة تزعم أن تقويمها هو الموافق لطلوع الفجر الصادق. وقد راجعت بعض التقاويم، في أحدث البرامج، وتبين لي أن الفرق بينها في توقيت طلوع الفجر في المدينة النبوية، يزيد عن عشرين دقيقة، وهذا فرق كبير جدا. ولكن يبقى الواجب على الصائم أن يمسك عند سماع أذان الفجر والعهدة على المؤذن.


(١) سبق تخريجه صفحة (٣٣٥).
(٢) ينظر: المحلى ٤/ ٣٧١، شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٥٢٦.
(٣) هو: زر بن حُبَيْشِ بن حباشة بن أوس بن بلال الأسدي الكوفي، أبو مريم، ويقال أبو مطرف, تابعي جليل مخضرم, كان عالما بالقرآن, روى عن: عمر, وعثمان, وعلي, وغيرهم, وعنه: إبراهيم النخعي, وعاصم بن بهدلة, والشعبي, توفي سنة ٨٣ هـ. ينظر: الطبقات الكبرى ٦/ ١٠٤, سير أعلام النبلاء ٤/ ١٦٦, تهذيب التهذيب ٣/ ٣٢١.
(٤) رواه أحمد في المسند ٣٨/ ٤٣٤ رقم ٢٣٤٤٢, واللفظ له, وابن ماجه ١/ ٥٤١ رقم ١٦٩٥، كتاب الصيام, باب ما جاء في تأخير السحور, والنسائي ٤/ ١٤٢ رقم ٢١٥٢, في الصيام, باب تأخير السحور, وقال محقق المسند: "رجاله ثقات رجال الشيخين غير عاصم بن أبي النجود، فهو صدوق حسن الحديث، لكنه قد خولف فيه".
(٥) ينظر: شرح معاني الآثار ٢/ ٥٢.

<<  <   >  >>