للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما ورد الحديث في الأكل والشرب؛ لأن الشارع علق الحكم بالغالب، وذلك لأن نسيان الجماع نادر بالنسبة إلى الأكل والشرب، والقاعدة: (أن الوصف إذا خرج مخرج الغالب لا يكون حجة) (١) (٢).

الدليل الثاني: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة» (٣).

وجه الاستدلال: أن في الحديث دليل على عدم وجوب القضاء عن المجامع؛ وذلك لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أفطر في شهر رمضان»؛ لأن الفطر أعم من أن يكون بأكل أو شرب أو جماع، وإنما خص الأكل والشرب بالذكر في الطريق الأخرى لكونهما أغلب وقوعا، ولعدم الاستغناء عنهما غالبا (٤).

الدليل الثالث: عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: إن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه احترق، قال: «ما لك؟ »، قال: أصبت أهلي في رمضان، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكتل يدعى العرق، فقال: «أين المحترق» قال: أنا، قال: «تصدق بهذا» (٥).

وجه الاستدلال: في الحديث أن المجامع كان عامدا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «أين المحترق»، فأثبت له حكم العمد، فلا يلحق به الناسي (٦).

الدليل الرابع: ولأن النسيان في باب الصوم مما يغلب وجوده ولا يمكن دفعه إلا بحرج, فجُعِل عذرا؛ دفعا للحرج (٧).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن عليه القضاء دون الكفارة.

الدليل الأول: استدلوا على وجوب القضاء بأمرين:


(١) ينظر: الفروق ٣/ ١٧٢، وموسوعة القواعد الفقهية ١٢/ ٢٠٣.
(٢) ينظر: إحكام الأحكام ٢/ ١٢.
(٣) سبق تخريجه صفحة (٣٢٠).
(٤) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٥٦.
(٥) سبق تخريجه صفحة (٣٦٤).
(٦) ينظر: الكواكب الدراري ٩/ ١١٠، التوضيح ١٣/ ٢٥٧، شرح البخاري لابن بطال ٤/ ٦٢.
(٧) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٩٠.

<<  <   >  >>