للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل السادس: ولأن الأكل مما تدعو إليه الطباع، وتشتهيه النفوس كالجماع, وما كان من المحرمات تشتهيه الطباع كالزنا وشرب الخمر، فلا بد من زاجر شرعي. والزواجر إما حدود وإما كفارات، فلما لم يكن في الأكل حد؛ فلا بد فيه من كَفّارة (١).

الدليل السابع: ولأنه إفطار بأعلى ما يقع به هتك حرمة الصوم من جنسه؛ فوجب أن تتعلق به الكفارة كالجماع (٢).

الدليل الثامن: ولأن الصوم هو الإمساك عن الأكل والجماع، فكان الإفساد بأحدهما نظير الإفساد بالآخر، وإذا استويا في الإفساد واستويا في الإثم، فيجب أن يستويا في وجوب الرافع للإثم (٣).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن الأكل والشرب عمدا في رمضان لا يوجبان الكفارة.

الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقض» (٤).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر المستقيء عامدا بالكفارة، ومن أكل أو شرب متعمدا كان كالمستقيء عامدا (٥)؛ لأن فطرهم كلهم من حُلوقهم لا من فروجهم، بخلاف الواطئ (٦).

الدليل الثاني: وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «أنه أُتِيَ برجل شَرِب الخمر في رمضان, فلما دنا منه جعل يقول: للمِنْخَرَيْن للمِنْخَرَيْن (٧)، وإن صبياننا صيام؟ ، ثم أمر به فضربه ثمانين سوطا، ثم سَيَّره إلى الشام» (٨).


(١) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٢٧٦. وينظر: تحفة الفقهاء ١/ ٣٦١.
(٢) ينظر: المغني ٣/ ١٣٠.
(٣) ينظر: تحفة الفقهاء ١/ ٣٦١.
(٤) سبق تخريجه صفحة (٣٢٥).
(٥) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٣٤، ومعالم السنن ٢/ ١١٢.
(٦) ينظر: المحلى ٤/ ٣١٧.
(٧) معناه الدعاء عليه، أي: كَبَّه الله للمنخرين. ينظر: النهاية ٥/ ٧٢, غريب الحديث ٣/ ٣٩٥.
(٨) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٧/ ٣٨٢ رقم ١٣٥٥٧, في الطلاق، باب من شرب الخمر في رمضان, والبيهقي في السنن الكبرى ٨/ ٥٥٦ رقم ١٧٥٤٥, في الأشربة والحد فيها، باب ما جاء في عدد حد الخمر.

<<  <   >  >>