للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل السابع: ولأن الجِماع في الغالب يفسد صوم اثنين، بخلاف غيره (١).

الترجيح: الذي يترجح والله أعلم هو القول الثاني: أن الأكل والشرب عمدا في رمضان لا يوجبان الكفارة؛ لقوة أدلتهم، ولأن الأصل براءة الذمة من هذه الكفارة, وحديث الأعرابي إنما يوجبها في الجماع، فإلحاق الأكل والشرب به يحتاج إلى دليل, والقياس على الجماع غير واضح؛ لجواز أن يكون الجماع قد تضمن وصفا فارق به الأكل والشرب، فما لم يقم دليل على أن المُوجِب للكفارة هو مجرد الفطر، لم يجز إيجابها بمجرد الظن (٢).

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث الأعرابي فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: إن استدلالهم بالإجمال الذي في قول الراوي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلا أفطر في رمضان» بالكفارة المذكورة، ليس بحجة; لأن قول الراوي: «فأَفطر» هو (مجمل) (٣)، والمجمل ليس له عموم فيؤخذ به، فيجب كون ذلك الفطر قد وقع بأمر خاص، وقد قام الدليل على أن المقصود فِطرُه بالجِماع؛ لمجيئه مبيّنا كذلك برواية من نحو عشرين رجلا عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (٤).

الوجه الثاني: أنه يلزمهم القول بأن الكفارة تلزم من استقاء عمدا؛ لأنه متعمد للفطر، ولا يقولون به (٥).

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث: «من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر» فيجاب عنه من ثلاثة أوجه:

الأول: أن الحديث ضعيف لا تقوم به الحجة (٦).


(١) ينظر: المغني ٣/ ١٣٠.
(٢) ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام ١/ ٢٨٠.
(٣) المُجْمَل: لغة: ما جُعل جملة واحدة لا ينفرد بعض آحادها عن بعض. وشرعا: اللفظ المتردد بين محتملين فصاعدا على السواء. ينظر: لسان العرب ١١/ ١٢٨، غاية السول ص ١١٤، شرح مختصر الروضة ٢/ ٦٤٧.
(٤) ينظر: بداية المجتهد ٢/ ٦٥، المعلم ٢/ ٥٣، مرقاة المفاتيح ٤/ ١٣٩١.
(٥) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٣٥.
(٦) ينظر: المجموع ٦/ ٣٣٠، وشرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٢٧٨.

<<  <   >  >>