للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: لا يقدم الإطعام على غيره من الخصال في كفارة الجماع في شهر رمضان (١).

وبه قال: الحنفية (٢) , والشافعية (٣) , والحنابلة (٤)، والظاهرية (٥)، وهو اختيار الشيخ.

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم -والله أعلم-: هو معارضة القياس للأثر؛ وذلك أن الأثر ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتقديم العتق وتأخير الإطعام، والمقصود بالقياس الذي خالف الأثر؛ هو أن الإطعام قد وقع بدلا من الصيام في مواضع شتى من الشرع، وأنه مناسب له أكثر من غيره (٦).

أدلة القول الأول: القائلين بتقديم الإطعام على غيره في كفارة الجماع في شهر رمضان.

الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلا أفطر في رمضان، أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينا» (٧).

وجه الاستدلال: أن الحديث جاء على التخيير؛ إذ موضوعية (أو) في كلام العرب للتخيير في غالب الاستعمال (٨).

وإذا جاز تقديم الإطعام على غيره بهذا الحديث, فإن الدليل الثاني يبين أفضلية الإطعام على غيره.

الدليل الثاني: عن عائشة - رضي الله عنها -، أنها قالت: «جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: احترقت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لم» قال: وطئت امرأتي في رمضان نهارا، قال: «تصدق، تصدق» قال:


(١) وهذا القول له اتجاهين: الأول: من رأى وجوب الترتيب، فيكون تأخير الإطعام عنده واجبا. والثاني: من رأى جواز التخيير، ولكن قدم العتق استحبابا متابعة لما جاء في الحديث. وستأتي معنا هذه المسألة إن شاء الله صفحة (٣٩٠).
(٢) المبسوط ٣/ ٧١، بدائع الصنائع ٥/ ٩٦, البناية ٤/ ٦٢, تبيين الحقائق ١/ ٣٢٨.
(٣) مختصر المزني ٨/ ١٥٣، الحاوي الكبير ٣/ ٤٣٢، المجموع ٦/ ٣٤٥، العزيز ٣/ ٢٣٤.
(٤) الهداية ص ١٦٠، الكافي ١/ ٤٤٧، المغني ٣/ ١٤٠، الإنصاف ٣/ ٣٢٢.
(٥) المحلى ٤/ ٣٢٨.
(٦) ينظر: مناهج التحصيل ٢/ ١٤٧ - ١٤٨.
(٧) سبق تخريجه صفحة (٣٧٩).
(٨) ينظر: مناهج التحصيل ٢/ ١٤٦، وينظر: المعونة ص ٤٧٨, والمغني ٣/ ١٤٠.

<<  <   >  >>