للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما أصحاب القول الثاني: الذين حملوا النهي على الكراهة فيجاب عن حملهم من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن الأصل في النهي التحريم، فوجب حمله على ذلك، ولا يصرف إلى الكراهة إلا بدليل.

الوجه الثاني: أن ما ورد في آخر حديث جويرية - رضي الله عنها -: «فأمرها - صلى الله عليه وسلم - فأفطرت» (١)، لا يُشعِر بأن صيامه مكروه بل محظور، لأنه لو كان مكروها لاكتفى بتوجيهها كما فعل - صلى الله عليه وسلم - في من صامت يوم السبت ولم تصم يوما قبله, فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فكلي فإن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك» (٢).

الوجه الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على أن يوم الجمعة يوم عيد؛ والعيد لا يصام: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن هذا يوم جعله الله عيدا» (٣). وفي حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صوم يوم عيد» (٤). ثم استثنى - صلى الله عليه وسلم - صورتين:

الأولى: صيامه مع غيره ودليلها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المرفوع المتقدم: «يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده».


(١) رواه البخاري معلقا ٣/ ٤٢ في الصيام باب صوم يوم الجمعة، ووصله الحافظ في تغليق التعليق ٣/ ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٢) رواه أحمد ٤٥/ ٨ رقم ٢٧٠٧٦, عن الصماء بنت بُسْر رضي الله عنها, وقال شعيب الأرناؤوط: "إسناده ضعيف", وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: "وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام", وقال الألباني في الصحيحة رقم ٣١٠١: "فهو إسناد جيد لولا ما في ابن لهيعة من الضعف".
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٨٨ رقم ٢١٣, كتاب الطهارة باب ما جاء في السواك, عن ابن السَّبَّاق، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في جمعة من الجمع, ومن طريقه البيهقي في الكبرى ٣/ ٣٤٥ رقم ٥٩٥٩, من جماع أبواب الهيأة للجمعة باب السنة في التنظيف يوم الجمعة بغسل, وقال: "هذا هو الصحيح مرسل, وقد روي موصولا ولا يصح وصله", ورواه ابن ماجه ١/ ٣٤٩ رقم ١٠٩٨, كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة, عن عبيد بن السباق عن ابن عباس - رضي الله عنه - , وصححه الألباني في صحيح الجامع ١/ ٤٤٩ رقم ٢٢٥٨.
(٤) رواه أحمد في مسنده ١٨/ ٢٦٠ رقم ١١٧٣٣, والنسائي في الكبرى ٣/ ٢١٨ رقم ٢٨٠٣, في الصيام تحريم صيام يوم الفطر ويوم النحر, وابن حبان في صحيحه ٨/ ٣٦٣ رقم ٣٥٩٩, في الزجر عن صوم يوم العيد، ذكر الزجر عن صيام يوم العيد للمسلمين, وقال الأرنؤوط: "إسناده صحيح على شرط مسلم", وينظر: الإرواء رقم ٩٦٢.

<<  <   >  >>