للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: رجل يصوم الدهر، قال: «وَدِدتُ أنه لم يَطْعَم الدهر» (١).

وجه الاستدلال: فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وددت أنه لم يطعم الدهر» أي: وددت أنه ما أكل ليلا ولا نهارا حتى مات جوعا. والمقصود: بيان كراهة عمله, وأنه مذموم العمل، حتى يتمنى له - صلى الله عليه وسلم - الموت جوعا (٢).

الدليل الخامس: وعن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام الدهر ضُيِّقت عليه جهنم هكذا وقبض كفه» (٣).

وجه الاستدلال: ظاهر هذا الحديث يقتضي المنع من صوم الدهر؛ لأن جهنم تُضَيَّق على من فعل ذلك، حصرا له فيها؛ لتشديده على نفسه، وحمله عليها، ورغبته عن سُنَّة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، واعتقاده أن غير سُنَّته أفضل منها (٤).

الدليل السادس: ما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للثلاثة الذين قال أحدهم: إنه يصوم ولا يفطر, وقال الثاني إنه يقوم الليل ولا ينام, وقال الثالث إنه لا يأتي النساء, فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أما أنا فأصوم وأُفطِر, وأقوم وأنام, وآتي النساء, فمن رغب عن سنتي فليس مني» (٥).

وجه الاستدلال: أن هذا الحديث يدل على أن صيام الدهر مِن الرُغوب عن سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستحق فاعله ما رتبه عليه من الوعيد، فمن رغِب عن سُنَّته فليس على هَديِه وطريقته (٦).


(١) رواه النسائي ٤/ ٢٠٨ رقم ٢٣٨٥, في الصيام باب صوم ثلثي الدهر وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك, وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ١/ ٢٥٠ رقم ١٠٣٦: "صحيح".
(٢) ينظر: حاشية السندي على النسائي ٤/ ٢٠٨.
(٣) سبق تخريجه صفحة (٤٤٥).
(٤) ينظر: الجوهر النقي لابن التركماني ٤/ ٣٠٠، المحلى ٤/ ٤٣٦، فتح الباري ٤/ ٢٢٢.
(٥) أخرجه البخاري ٧/ ٢ رقم ٥٠٦٣, في النكاح, باب الترغيب في النكاح, ومسلم ٢/ ١٠٢٠ رقم ١٤٠١, في النكاح, باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه.
(٦) ينظر: السيل الجرار ص: ٢٩٦.

<<  <   >  >>