للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الضيافة غرضا صحيحا يقطع المتنفل من أجله صيامه، وخيره في القضاء ولم يجعله حتما عليه.

قال الشوكاني: "والأحاديث المذكورة في الباب تدل على أنه يجوز لمن صام تطوعا أن يفطر، لا سيما إذا كان في دعوة إلى طعام أحد من المسلمين, ويدل على أنه يستحب للمتطوع القضاء لذلك اليوم" (١).

أدلة القول الثالث: القائلين بأنه يحرم على الضيف أن يفطر من صيام النفل.

الدليل الأول: عن أنس - رضي الله عنه -، قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمّ سُلَيْم (٢) فأتته بتمر وسمن، فقال: «أعيدوا سمنكم في سِقائه، وتمركم في وِعائه، فإني صائم». ثم قام إلى ناحية من البيت فصلى غير المكتوبة فدعا لأم سليم وأهل بيتها (٣).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفطر, ولو كانت الضيافة عذرا لما تردد - صلى الله عليه وسلم - في الفطر؛ جبرا لخاطر أم سُلَيْم - رضي الله عنها -.

الدليل الثاني: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم, فليقل: إني صائم» (٤).

وفي رواية قال: «إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا فليطعم» (٥).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل للصائم إلا البقاء على صومه؛ وذلك بإخبارهم بذلك كما في الرواية الأولى؛ أو الدعاء لهم كما في الرواية الثانية, ولو كان الفطر مباحا له لخيَّره بين البقاء على فِطره أو المضي في صيامه.


(١) نيل الأوطار ٤/ ٣٠٦، وينظر: تحفة الأحوذي ٣/ ٣٥٥.
(٢) هي: أم سُلَيْم بنت مِلْحان بن خالد الأنصارية، اختلف في اسمها، وهي أم أنس خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اشتهرت بكنيتها، أسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار، روى عنها: ابنها أنس, وابن عباس, وزيد بن ثابت, وغيرهم. ينظر: الإصابة ٨/ ٤٠٨، والاستيعاب ٤/ ١٩٤٠، السير ٢/ ٣٠٤.
(٣) رواه البخاري ٣/ ٤١ رقم ١٩٨٢, في الصوم, باب من زار قوما فلم يفطر عندهم.
(٤) رواه مسلم ٢/ ٨٠٥ رقم ١١٥٠, في الصيام, باب الصائم يدعى لطعام فليقل: إني صائم.
(٥) رواه مسلم ٢/ ١٠٥٤ رقم ١٤٣١, في النكاح, باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة.

<<  <   >  >>