للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: في قوله: «فأتموا بقية يومكم, واقضوه» صريح في دلالته على الفرضية؛ لأن القضاء لا يكون إلا في الواجبات، فصار كرمضان إذا أفطروا في أول يوم منه عند عدم ثبوت الرؤية، ثم ثبت في أثناء النهار، فإن الواجب عليهم إمساك بقية يومهم ثم قضاء يوم آخر (١).

الدليل الرابع: حديث الأشْعَث بن قَيْس (٢) ¢ أنه دخل على ابن مسعود - رضي الله عنه - وهو يأكل يوم عاشوراء, فقال: يا أبا عبد الرحمن، إن اليوم يوم عاشوراء، فقال: «قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان ترك، فإن كنت مفطرا فاطْعَم» (٣).

وجه الاستدلال: في هذا الحديث دليل على أن صيام يوم عاشوراء كان فرضا ثم ترك؛ وذلك أن ابن مسعود - رضي الله عنه - أخبرَ مَن أنكر عليه الأكل في يوم عاشوراء، بأن لزوم صيامه قد تُرك لمّا فُرض صيام شهر رمضان (٤).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن صيامه كان سنة مؤكدة، ثم صار دون ذلك بعد فرض رمضان.

الدليل الأول: عن معاوية ابن أبي سفيان - رضي الله عنه - قال: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر» (٥).

وجه الاستدلال: "قوله: «لم يكتب عليكم صيامه» يدل على أنه لم يكن واجبا قط؛ لأن (لم) لنفي الماضي" (٦).


(١) ينظر: نخب الأفكار ٨/ ٣٩١، وعمدة القاري ١١/ ١١٩.
(٢) هو: الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي، أبو محمد، له صحبة. وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ظهور الإسلام، فأسلم، وشهد اليرموك فأصيبت عينه. كان من ذوي الرأي والإقدام. توفي سنة ٤٠ هـ. ينظر: أسد الغابة ١/ ١١٨، تهذيب الكمال ٣/ ٢٨٦، الأعلام ١/ ٣٣٢
(٣) رواه البخاري ٦/ ٢٤ رقم ٤٥٠٣, في التفسير, باب {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} , ومسلم ٢/ ٧٩٤ رقم ١١٢٧, في الصيام, باب صوم يوم عاشوراء, واللفظ له.
(٤) ينظر: إكمال المعلم ٤/ ٨١، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢/ ١٨، زاد المعاد ٢/ ٧١.
(٥) سبق تخريجه صفحة (١٥٣).
(٦) ينظر: المجموع ٦/ ٣٨٤.

<<  <   >  >>