للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الخامس: ولأن يوم عاشوراء كان هو الفرض قبل أن يُفرَض صيام رمضان، وقد خَصَّه الشرع -لفضله- بما لم يَخُصّ به غيره، وذلك بأن يصومه من لم يُبَيّت صيامه، ومن لم يعلم به حتى أكل أو شرب (١).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أن صيام عرفة أفضل؛ لصحة حديث: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكَفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يُكَفِّر السنة التي قبله»؛ والتكفير منوط بالأفضلية. وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: «ومن صام يوم عاشوراء فكأنما صام الدهر وقامه» , فيجاب عنه:

أنه حديث باطل، لا يصح الاحتجاج به.

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - , فيجاب عنه:

أن ذكر يوم عرفة في هذا الحديث غير محفوظ، وإنما المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه، من غير ذِكرِ يوم عرفة (٢).

ثالثا: وأما استدلالهم بحديث ابن عباس - رضي الله عنه -: «ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء ... » , فيجاب عنه:

أن ابن عباس - رضي الله عنه - أسند ذلك إلى عِلمِه؛ فليس فيه ما يَرُدّ عِلم غيره, وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سبق في أدلة القول الأول- أن صوم عاشوراء يُكَفّر سنة, وأن صيام يوم عرفة يُكَفّر سنتين, فيكون صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء (٣)؛ لأن التكفير منوط بالأفضلية (٤).

رابعا: وأما استدلالهم بأن ابن عباس - رضي الله عنه - كان ينهى عن صيام يوم عرفة للحاج ولغيره، فيجاب عنه من وجهين:


(١) ينظر: المقدمات الممهدات ١/ ٢٤٢.
(٢) ينظر: التمهيد ٢١/ ١٦٣، وقوت المغتذي على جامع الترمذي ١/ ٢٧٤.
(٣) ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٤٩، ونيل الأوطار ٤/ ٢٨٨.
(٤) ينظر: مواهب الجليل ٢/ ٤٠٣, والفواكه الدواني ٢/ ٢٧٣.

<<  <   >  >>