للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: عن أم هانئ - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب شرابا، فناولها لتشرب، فقالت: إني صائمة، ولكن كرهت أن أرد سؤرك، فقال: «يعني إن كان قضاء من رمضان فاقضي يوما مكانه، وإن كان تطوعا فإن شئت فاقضي، وإن شئت فلا تقضي» (١).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرق في هذا الحديث بين من أفطر في قضاء رمضان، فجعل القضاء عليه واجبا, وبين من أفطر في صيام النفل، فخيره بين القضاء وعدمه.

قال الخطابي: "قلت في هذا بيان أن القضاء غير واجب عليه إذا أفطر في تطوع" (٢).

الدليل الثالث: عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: صنعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما، فأتاني هو وأصحابه، فلما وضع الطعام قال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعاكم أخوكم وتكلف لكم»، ثم قال له: «أفطر، وصم مكانه يوما إن شئت» (٣).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خير هذا الصحابي ¢ بين أن يقضي يومه ذلك وبين أن لا يقضي، فدل على أن القضاء لا يجب.

الدليل الرابع: عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: «من أصبح صائما تطوعا، إن شاء صام، وإن شاء أفطر، وليس عليه قضاء» (٤).

الدليل الخامس: ولأنها عبادة يخرج منها بالإفساد, فلم يجب قضاؤها إذا أفسدها؛ كالوضوء (٥).

الترجيح: الذي يترجح في هذه المسألة -والله أعلم- هو القول الثاني: أنه لا يجب القضاء على من قطع صيام التطوع عمدا بلا عذر؛ وذلك لقوة ما استدلوا به, ولكن يستحب القضاء كما جاء في الأدلة.

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث إفطار عائشة وحفصة - رضي الله عنهما - في صيام النفل؛ وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهما بالقضاء، فيجاب عنه من وجهين:


(١) سبق تخريجه صفحة (٤٦٥).
(٢) معالم السنن ٢/ ١٣٥.
(٣) سبق تخريجه صفحة (٤٦٥).
(٤) رواه عبد الرزاق في المصنف ٤/ ٢٧١ رقم ٧٧٧٠, في الصيام, باب إفطار التطوع وصومه إذا لم يبيته.
(٥) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ٢/ ٦٢٧.

<<  <   >  >>