للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أنه لا حجة فيه, لأن الثقات قد اتفقوا على إرسال هذا الحديث, وشذ من وصله, وتوارد الحفاظ على الحكم بضعفه (١).

الثاني: وعلى فرض صحته: يُحمَل أمره - صلى الله عليه وسلم - لهما بالقضاء على الندب، وذلك لأمرين:

الأول: لأن بدل الشيء في أكثر أحكام الأصول يحل محل أصله (٢) , وهو في الأصل الذي هو في مسألتنا صيام النفل مخير, فيكون كذلك في البدل الذي هو قضاء ذلك اليوم (٣).

الثاني: أن في بعض روايات هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا عليكما، صوما مكانه يوما» (٤).

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا عليكما»؛ أي: لا بأس عليكما, ولو كان الفطر حراما والقضاء واجبا؛ لكان عليهما بأس (٥).

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث إفطار النبي - صلى الله عليه وسلم - في صيام النفل وأنه قال: «إني آكل وأصوم يوما مكانه»، فيجاب عنه من وجهين:

الأول: أن جملة: «وأصوم يوما مكانه» الواردة في الحديث لا تصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما بينه أهل هذا الشأن (٦).

الثاني: أن هذا الحديث مشكل على أصل الحنفية والمالكية؛ لأنهم لا يجيزون الفطر في صيام النفل بلا عذر، والحديث صريح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أفطر بلا عذر؟ . فإما أن يقولوا بضعف تلك الزيادة، ومن ثم يسقط استدلالهم بهذا الحديث، أو يقولوا بجواز الفطر من صيام النفل بغير عذر، مع وجوب القضاء، فيكون مذهبهم كمذهب الظاهرية (٧).

ثالثا: وأما إيجابهم القضاء على من أفسد صيام التطوع قياسا على من أفسد حج التطوع، فيجاب عنه:


(١) ينظر: فتح الباري ٤/ ٢١٢، ونيل الأوطار ٤/ ٣٠٦، وتحفة الأحوذي ٣/ ٣٥٩.
(٢) ينظر: موسوعة القواعد الفقهية ٢/ ٢٨.
(٣) ينظر: معالم السنن ٢/ ١٣٦، وتحفة الأبرار ١/ ٥١٠، وشرح المشكاة للطيبي ٥/ ١٦١٩.
(٤) رواه أبو داوود ٢/ ٣٣٠ برقم ٢٤٥٧ في الصيام باب من رأى عليه القضاء.
(٥) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ٢/ ٦٢٨, وشرح الزركشي ٢/ ٦٢٠.
(٦) ينظر كلام ابن عبد البر في التمهيد ١٢/ ٧٩، والنسائي في السنن الكبرى ٣/ ٣٦٤، رقم ٣٢٨٦، والدارقطني في السنن ٣/ ١٣٨، رقم ٢٢٣٧.
(٧) ينظر مذهب الظاهرية في المحلى ٤/ ٤١٧.

<<  <   >  >>