للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأواخر من تسع يبقين، أو سبع يبقين، أو خمس يبقين، أو ثلاث يبقين، أو آخر ليلة» (١).

وجه الاستدلال: في هذا الحديث رد على من قال إن ليلة القدر كانت في العشر الأواخر في عهده - صلى الله عليه وسلم - فقط, أما بعد موته فتُلتمس في جميع الشهر؛ لأن أبا بَكْرَة - رضي الله عنه - فهم أنها لا تُلتَمَس إلا في العشر الأواخر في حياته وبعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -.

الدليل الخامس: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رجالا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرى رؤياكم قد تَوَاطَأَتْ (٢) في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر» (٣).

وجه الاستدلال: في هذا الحديث رَدّ على من قيَّدها بليلة الحادي والعشرين دون غيرها من ليالي العشر الأخيرة؛ لأن ليلة الحادي والعشرين ليست من السبع الأواخر يقينا.

وتَقييدُه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث- بالسبع الأواخر مع أنه قد جاء الحَثّ على تحريها في العشر الأواخر، وفي الأوتار منها، المقصود منه: تَحرّيها في ذلك العام بخصوصه، والدليل قوله: «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر»، فعَيَّن لهم تَحرّيها في السبع الأواخر؛ لمّا اجتمعت رؤاهم تلك السَنة عليها.

قال ابن عبد البر: "والأغلب من قوله: «في السبع الأواخر» أنه في ذلك العام والله أعلم؛ لئلا يتضاد مع قوله: «في العشر الأواخر» ويكون قَوْلُه (٤)، وقد مضى مِن الشهر ما يوجِب قَولَ ذلك" (٥).


(١) رواه أحمد ٣٤/ ٤٤ رقم ٢٠٤٠٤, واللفظ له, والنسائي في الكبرى ٣/ ٤٠٠ رقم ٣٣٨٩, في الاعتكاف، التماس ليلة القدر لثلاث يبقين من الشهر, وابن حبان في صحيحه ٨/ ٤٤٢ رقم ٣٦٨٦, وقال شعيب الأرنؤوط: "إسناده صحيح", ووافقه الألباني في صحيح الجامع ١/ ٢٦٨ رقم ١٢٤٣.
(٢) تواطأت, أي: توافقت، كأنَّ كلّا منهم وطئ ما وطئه الآخر. ينظر: مشارق الأنوار ٢/ ٢٨٥، النهاية ٥/ ٢٠٢.
(٣) رواه البخاري ٣/ ٤٦ رقم ٢٠١٥, في فضل ليلة القدر باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر, ومسلم ٢/ ٨٢٢ رقم ١١٦٥, في الصيام باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها.
(٤) أي: قَوْلُه الذي ذُكِر، قد قاله وقد مضى مِن الشهر ...
(٥) الاستذكار ٣/ ٤٠٩، وينظر: التوضيح لابن الملقن ١٣/ ٥٩٥.

<<  <   >  >>