للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل السابع: وجمعا بين الأحاديث الواردة في الباب.

قال ابن العربي: "وفي الحديث دليل على أنها متنقلة غير مخصوصة بليلة؛ لأن رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجت في صبيحة ليلة إحدى وعشرين من رمضان، وعلى جسمه وأنفه أثر الماء والطين. واستفتاه رجل ليختار له عند عجزه عن عموم الجميع، فاختار له ليلة ثلاث وعشرين. فدل ذلك أنها تنتقل؛ وما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليبخس السائل حظَّه منها" (١).

وقال النووي: "ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها" (٢).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول السادس: أن ليلة القدر منحصرة في رمضان, ثم في العشر الأخير منه, ثم في أوتاره تنتقل، لا في ليلة منه بعينها.

وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها (٣).

وأما ما استدل به أصحاب الأقوال الأخرى فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلال أصحاب القول الأول بالآيتين على أن ليلة القدر تكون في جميع شهر رمضان غير مُسَلَّم؛ خاصة مع وجود هذا الكم الكبير من الأحاديث التي نصت على تعيين ليلة القدر, وأنها منحصرة في العشر الأواخر، فالآيات جاءت عامة، والأحاديث جاءت خاصة، والخاص مقدم على العام.

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث ابن عمر ¢، فيجاب عنه من وجهين:

الأول: أن هذا الحديث ضعيف لا يقاوم الأحاديث الكثيرة الصحيحة التي نصت على أن ليلة القدر تُلتمس في العشر الأواخر.

الثاني: وعلى فرض صحته: فليس المعنى فيه التماس ليلة القدر في جميع رمضان, بل المعنى والله أعلم أن ليلة القدر تكون في كل رمضان إلى يوم القيامة، وأنها باقية لم تُرفَع (٤).

قال العراقي: "قلت: والحديث محتمل للتأويل بأن يكون معناه أنها تتكرر وتوجد في كل سنة في رمضان، لا أنها وجدت مرة في الدهر، فلا يكون فيه دليل لهذا القول" (٥).


(١) المسالك ٤/ ٢٦٧، وينظر: فتح الباري ٤/ ٢٦٠.
(٢) المجموع ٦/ ٤٥٠.
(٣) ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٦٠.
(٤) ينظر: شرح معاني الآثار ٣/ ٨٤.
(٥) طرح التثريب ٤/ ١٥٢، وينظر: شرح العمدة كتاب الصيام لابن تيمية ٢/ ٦٨١.

<<  <   >  >>