للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثا: وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني من أن ليلة القدر لا تكون إلا في ليلة الحادي والعشرين من رمضان، فيجاب عنه:

أن ليلة القدر كانت في تلك السنة ليلة الحادي والعشرين، لكن لا يعني أنها لا تنتقل, والدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر»، وليلة الحادي والعشرين ليست من السبع الأواخر يقينا.

وأيضا: الأحاديث التي سيقت في بيان كونها ليلة الثالث والعشرين, والسابع والعشرين, كلها تدل على عدم لزوم كونها في ليلة الحادي والعشرين دون غيرها (١).

وبهذا الجواب الأخير نفسه يجاب عن أصحاب القول الثالث القائلين بأنها ليلة الثالث والعشرين دون غيرها، وأصحاب القول الخامس القائلين بأنها ليلة السابع والعشرين دون غيرها.

قال ابن عبد البر: "في ليلة إحدى وعشرين حديث أبي سعيد الخدري من رواية مالك وغيره, وفي ليلة ثلاث وعشرين حديث عبد الله بن أنيس الجهني وقد تقدم ذكره, وفي ليلة سبع وعشرين حديث أبي بن كعب وحديث معاوية, وهي كلها صحاح تدل على انتقال ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر" (٢).

رابعا: وأما ما استدل به أصحاب القول الثالث بأنها ليلة الرابع والعشرين, فيجاب عنه:

أما حديث بلال - رضي الله عنه - فهو ضعيف ولا يصح الاستدلال به. وقد جاء ما يخالفه وهو ما صح عن بلال - رضي الله عنه - أنه سئل عن ليلة القدر فقال: «أنها في السبع، في العشر الأواخر» (٣).

كما أنه قد جاء عنه أيضا: «أنها ليلة ثلاث وعشرين» (٤).

وأما قول ابن عباس: «التمسوا في أربع وعشرين»، فيجاب عنه من ثلاثة أوجه:

الأول: لا يُسَلَّم أن كلام ابن عباس ¢ هذا تفسير منه للحديث، بل هو أثر مستقل أتى به البخاري (معلَقا) (٥)، وليس هو من الأحاديث المُسنَدة في صحيحه (٦).


(١) ينظر: إحكام الأحكام ٢/ ٤٠.
(٢) الاستذكار ٣/ ٤١٢.
(٣) رواه البخاري ٦/ ١٦ رقم ٤٤٧٠، كتاب المغازي، بابٌ.
(٤) مصنف ابن أبي شيبة ٢/ ٣٢٥ رقم ٩٥٢٦, كتاب الصيام، ما قالوا في ليلة القدر واختلافهم فيها.
(٥) المُعَلّق: هو أن يُسقط مؤلف الكتاب راويا أو أكثر من مبادئ السند. ينظر: نزهة النظر: ص ٩٨.
(٦) ينظر: تحفة الأشراف ٥/ ١١٢ رقم ٥٩٩٤.

<<  <   >  >>