للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل السادس: عن رِبْعي بن حِراش (١)، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهلاّ الهلال (٢) أمس عشيّة (٣)، «فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفطروا» (٤).

وجه الاستدلال من الحديثين: أن هؤلاء القوم الذين أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - برؤيتهم قد رأوا الهلال في غير المدينة، وبينهم وبينها نحو من يومين؛ لأنّ شهادتهم كانت آخر النهار، والمطالع قد تختلف في الأمكنة المتقاربة (٥).

الدليل السابع: قياس (٦) البلدان البعيدة على الضواحي والمدن القريبة من بلد الرؤية لعدم وجود دليل على اختصاص كل منهما بحكم، فالبيّنة العادلة ممثلة بشهادة الثقات قد أثبتت رؤية الهلال، فوجب الصيام؛ كما في حالة تقارب البلدان (٧).

أدلة القول الثاني: القائلين باعتبار اختلاف المطالع.


(١) هو: رِبْعي بن حِرَاش بن جَحْش بن عمرو الغَطَفَانِيُّ، أبو مريم الكوفي, التابعي الجليل المشهور، سمع من: عمر، وعلي، وأبي موسى رضي الله عنهم, وعنه: أبو مالك الأشجعي، ومنصور بن المعتمر, وآخرون, توفي سنة ١٠٠ هـ, وقيل غير ذلك, ينظر: الطبقات ٦/ ١٢٧, سير أعلام النبلاء ٤/ ٣٥٩, تهذيب التهذيب ٣/ ٢٣٧.
(٢) أي: رأو الهلال وأبصروه. ينظر: النهاية ٥/ ٢٧١، لسان العرب ١١/ ٧٠٣.
(٣) العَشِيّ: قيل ما بين الزوال إلى الغروب, وقيل: هو آخر النهار. ينظر النهاية ٣/ ٢٤٢، وتهذيب اللغة ٣/ ٣٨، والمصباح المنير ٢/ ٤١٢.
(٤) رواه أبو داود ٢/ ٣٠١ رقم ٢٣٣٩, كتاب الصوم, باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال, والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٤١٦ رقم ٨١٨٩, كتاب الصيام, باب من لم يقبل على رؤية هلال الفطر إلا شاهدين عدلين, والدارقطني في سننه ٣/ ١٢٣ رقم ٢٢٠٢, كتاب الصيام, باب الشهادة على رؤية الهلال, وقال: "هذا إسناد حسن ثابت"، وقال الألباني في صحيح أبي داود ٧/ ١٠٤: "إسناده صحيح".
(٥) ينظر: كتاب الصيام من شرح عمدة الفقه لابن تيمية ١/ ١٧٢.
(٦) القياس في اللغة: التقدير، ومنه: "قست الثوب بالذراع". وهو في الشرع: حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما. وقيل غير ذلك. ينظر روضة الناظر ٢/ ١٤١، طلبة الطلبة ص ١٦٧.
(٧) ينظر: المغني ٣/ ١٠٧، وينظر: المُعْلِم ٢/ ٤٥.

<<  <   >  >>