للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: عن كُرَيْب (١) أن أم الفَضْل بنت الحارث (٢) بعثته إلى معاوية (٣) - رضي الله عنهما - بالشام (٤)،

فقال: قَدِمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: «لا هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (٥).

وجه الاستدلال من الحديث: أنّ ابن عبّاس رضي الله عنهما لم يعمل برؤية أهل الشّام وقال في آخر الحديث: هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدلّ ذلك على أنّه قد حفظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه لا يلزم أهل بلد العمل برؤية أهل بلد آخر (٦)، فلأهل الشام رؤيتهم، ولأهل المدينة رؤيتهم.


(١) هو: كُرَيب بن أبي مسلم, أبو رشيدين الهاشمي العباسي مولاهم الحجازي, أدرك عثمان, وروى عن: أم الفضل, وابن عباس, وأم سلمة, وغيرهم, وكان ثقة كثير الحديث. مات سنة ٩٨ هـ. ينظر طبقات ابن سعد ٥/ ٢٩٣, سير أعلام النبلاء ٤/ ٤٧٩ هـ.
(٢) هي: أم الفضل لُبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية, الصحابية الجليلة, أخت ميمونة أم المؤمنين, وزوجة العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - , وخالة خالد بن الوليد, توفيت في خلافة عثمان رضي الله عنه. ينظر: الاستيعاب ٤/ ١٩٠٧, سير أعلام النبلاء ٢/ ٣١٤.
(٣) هو: صخر بن حرب بن أمية القرشي الأموي, مؤسس الدولة الأموية بالشام، وأحد دهاة العرب الكبار, كان فصيحا حليما وقورا, ولد بمكة, وأسلم عام الفتح, ولاه أبو بكر ثم عمر, وأقره عثمان على الديار الشامية, تنازل له الحسن بن علي عام الجماعة, وكثرت الفتوحات في خلافته, توفي في دمشق سنة ٦٠ هـ. ينظر: معرفة الصحابة ٥/ ٢٤٩٦؛ سير أعلام النبلاء ٣/ ١١٩, والإصابة ٦/ ١٢٠.
(٤) يقال: الشام والشأم والشآم, وهو اسم هذا القُطر العزيز على ما عرفته العرب، وهو يتناول عامة الأقاليم الداخلة اليوم في فلسطين وسورية بحسب الاصطلاح الحديث. ينظر: خطط الشام لمحمد كُرْد عَلي ١/ ٧، ومعجم البلدان لياقوت الحموي ٣/ ٣١١ ..
(٥) أخرجه مسلم ٢/ ٧٦٥ رقم ١٠٨٧, كتاب الصيام، باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم.
(٦) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٣٠، وينظر: شرح مشكل الآثار ١/ ٤٢٢.

<<  <   >  >>