للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال من الحديثين: أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فاقدروا له» معناه: قَدِّروه بحساب المنازل، وأنه خطاب لمن خصه الله بهذا العلم وأن قوله: «فأكملوا العدة» خطاب للعامة (١).

الدليل الرابع: عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا» يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين (٢).

وجه الاستدلال: أن الأمر باعتماد الرؤية وحدها جاء مُعلَّلا (بعِلَّة) (٣) منصوصة وهي: أن الأمة لا تكتب ولا تحسب، والعلة تدور مع المعلول وجودا وعدما (٤)، فإذا وصلت الأمة إلى حال في معرفة هذا العلم باليقين في حساب أوائل الشهور وأمكن أن يثقوا به ثقتهم بالرؤية أو أقوى صار لهم الأخذ بالحساب في إثبات أوائل الشهور (٥).

الدليل الخامس: ولأنه إذا دل الحساب على أن الهلال قد طلع من الأفق على وجه أنه يُرى لولا وجود المانع كالغيم مثلا، فهذا يقتضي الوجوب؛ لوجود السبب الشرعي. وبيان ذلك: أنه ليست حقيقة الرؤية شرطا في اللزوم؛ لأنهم متفقون على أن المحبوس في المَطْمُورة (٦) إذا عَلِم أن اليوم من رمضان إما بإكمال العِدَّة أو بالاجتهاد بالعلامات، وجب عليه الصوم، وإن لم يَرَ الهلال، ولم يخبره من رآه (٧).


(١) ينظر: المسالك في شرح الموطأ ٤/ ١٥٩.
(٢) سبق تخريجه صفحة (٨٠).
(٣) العِلَّة: في اللغة: المرض، أو هي تَغَيّر المَحلّ. وفي الاصطلاح اختلف في تعريفها، وأحسن ما قيل في تعريف العلة، أنها: «وصف ظاهر منضبط دل الدليل على كونه مناطا للحكم». وهي ركن من أركان القياس. ينظر: لسان العرب ١١/ ٤٧١، أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله ص ١٤٦، إرشاد الفحول ٢/ ١٠٩.
(٤) ينظر: الفروق ٢/ ٦٢.
(٥) ينظر: بحث حكم إثبات أول الشهر القمري وتوحيد الرؤية, للشيخ بكر أبو زيد, مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثالث.
(٦) المَطْمُورَة: مَكَان يحفر في الأَرْض ضيق من أعلى واسع من أسفل، قد هيئ لتحفظ فيه الغَلَّة، وهو السِجن أيضا، والجمع مطامير. ينظر: النهاية ٣/ ١٣٨، المصباح المنير ٢/ ٣٧٨، تاج العروس ١٢/ ٤٣٣.
(٧) ينظر إحكام الأحكام ٢/ ٨.

<<  <   >  >>