للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما من شهد على رؤية هلال رمضان، فإنه غير متهَم؛ إذ الإنسان لا يُتَّهَم في الإضرار بنفسه بالتزام الصوم؛ ولأنه مُلزَم بما يلزم غيره (١).

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب, فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أن زيادة: «فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا وانسكوا» غير محفوظة (٢).

الوجه الثاني: وعلى فرض صحة هذه الزيادة: فإنما دل الحديث بمفهومه على عدم الاكتفاء بالواحد في الشهادة على هلال رمضان، بينما حديث ابن عمر وحديث ابن عباس في قصة الأعرابي السابقين، يدلان بمنطوقهما على الاكتفاء بالواحد؛ والمنطوق يقدم على المفهوم (٣).

ثالثا: وأما استدلالهم بحديث أمير مكة, فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أن نسلك بالحديث مَسْلك الجمع (٤) , فيكون النسك هو عيد الفطر، أو أن الحديث محمول على الاستحباب و (الاحتياط) (٥) (٦).

الوجه الثاني: أن نسلك به مَسْلك الترجيح (٧) , فيقال: إن التصريح بالاثنين غاية ما فيه المنع من قبول الواحد بالمفهوم، وحديثا ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم - يدلان على قبوله بالمنطوق، ودلالة المنطوق أرجح من دلالة المفهوم، فيجب تقديمهما" (٨).

رابعا: وأما استدلالهم بحديث ربعي بن حراش، فيجاب عنه من وجهين:


(١) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٨١
(٢) لأنها لم تأت من طريق صحيحة؛ في سندها: حجاج ابن أَرْطاة، وهو كثير الخطأ والتدليس ولم يصرح بالتحديث. ينظر: تقريب التهذيب ص ١٥٢، وتهذيب الكمال ١٧/ ١٢٣.
(٣) ينظر: شرح الزركشي على الخرقي ٢/ ٦٢٧، والسيل الجرار ١/ ٢٨١، والمحلى ٤/ ٣٧٥.
(٤) المقصود الجمع بين النصين وإعمالهما؛ لأنه إن أمكن الجمع بينهما تعين، احترازا من تعطيلهما أو أحدهما. ينظر: شرح مختصر الروضة ٣/ ٧٣٢.
(٥) الاحتياط: لغة: من حاطه يَحوطه حَوْطاً، إذا حفِظَه ورَعاه. واصطلاحا: طلب الأَحَظّ والأَخذ بأوثق الوجوه. ينظر: النهاية ١/ ٤٦١، المصباح المنير ١/ ١٥٦.
(٦) ينظر: المجموع ٦/ ٢٨٣.
(٧) الترجيح: في اللغة: هو إثبات الفضل في أحد جانبي المتقابلين فهي من رجَحَ أي مال. وفي الاصطلاح: تقوية أحد الطرفين على الآخر، فيعلم الأقوى فيعمل به، ويطرح الآخر. ينظر: لسان العرب ٢/ ٤٤٥، نفائس الأصول في شرح المحصول ٨/ ٣٦٦٧، إرشاد الفحول ٢/ ٢٥٧.
(٨) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٢٢، تحفة الأحوذي ٣/ ٣٠٤.

<<  <   >  >>