للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفقة الدولة إن نالت شيئاً منها، كالمتسولة. وهي مع ذلك منبوذة من المجتمع ومحتقرة، فقد جاءت بما يشين والعار العار عليها وعلى أهلها، فقد سقطت وأصبحت عديمة الأخلاق، وسهلة المنال لكل الكلاب المسعورة، بعد أن كانت حرة عزيزة غنية وصحيحة، تبدل حالها من حال إلى حال بإتباع شهوة يوم وليلة، فضاعت وأضاعت معها آمال المستقبل المشرق.

الحب الحلال:

هل هناك حب حقيقي؟ نعم وبلى .. هناك حب حقيقي يحدث بين الأزواج. لمن يخافون الله ويراعون حقوقه ويحفظون الأمانة ويحاسبون أنفسهم يصلون لهذا الحب. والتي تخاف الله في نفسها وعرضها، لا تجد أمامها سوى هذا الزوج تلجأ إليه ويكون هو الأهل والحبيب والصديق. فهي لن تنظر لغيره حفظا للعهد مع الله، ولذا لن يكون هناك ما يزعزع نمو هذا الشعور، الذي سيكبر ويزداد مع مرور الوقت وعشرة السنين. فابشرن بحب جميل وعلاقة حميمة مع ازواجكن أيتها المؤمنات النقيات العفيفات. قال رسول الله : (لم ير للمتحابين مثل النكاح) (١). وكان الحب بين النبي والسيدة عائشة من أروع ما روته الكتب. فلم يُخفِ خير خلق الله وأكرمهم عليه حبه لزوجته حتى من صحابته. فعن عمرو بن العاص أنه قال: (يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة قلت: من الرجال؟ قال أبوها) (٢). وهذا إن دل على شيء إنما يدل على تواضعه وكرم خلقه وحسن عشرته وأدبه مع زوجاته. ورغم هفواتهن كان يصبر عليهن ولم يشكو أو يتذمر، ولم نسمع عنه يوم أنه ضرب زوجاته أو قام إيذائهن. حتى في أصعب الأوقات عندما لاك الناس الصديقة بن الصديق بألسنتهم، لم يبرحها ضرباً أو يلقها خارج بيته، بل بكل حلم ورحمة بشرها بأنها لو كانت بريئة سيبرئها الله. فيا ليت الأزواج يتعلمون من كريم أخلاقه ويعاملون زوجاتهم بالرفق واللين والصبر عليهن. وهذه وصية رسول الله ، وأمر من الله يُتعبَد به. فالمرأة خلقت من ضلع أعوج، إن حاولت إقامته كُسِر. ولا شك أن قبولها بما فيها من اعوجاج خير من كسرها. فاستوصوا بالنساء خيرا ورفقاً بقوارير الحب والرحمة، فإنهن رقيقات المشاعر لا يتحملن. وهذه هي وصية خير الخلق وأعلاهم منزلة.


(١) أخرجه ابن ماجه (١٨٤٧) باختلاف يسير، وأبو يعلى (٢٧٤٧) واللفظ له، والبزار (٤٨٥٦) بلفظ التزويج، وأخرجه الألباني في صحيح الجامع (٥٢٠٠) عن عبد الله بن عباس وصححه.
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٠١) واللفظ له، والطبراني في المعجم الأوسط (٤٨٧)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (٢/ ٥٥).

<<  <   >  >>