للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلك المسكينة وأفقدها بصرها. ثم لينتظر حسابه عند ربه إن لم تسامحه هي. وغيرها الكثير من القصص، مما هو كفيل بأن يجعل كل فتاة تتجنب رفع صورتها على الانترنت. هذا بالإضافة إلى أن الصورة يمكن أن تكون أداة للسحر، وسبيل للفتنة والعين، وخلق المشاكل مع الأهل والمعارف وإساءة لسمعة البنت، وتعريضها لعبث العابثين، حيث قد يتم تغيير الصورة وتركيبها في أجسام عارية أو مختلفة لتزييف الحقائق وفضح البنت أو ابتزازها بتلك الصور المحرفة، وغيرها الكثير من المخاطر التي يمكن حدوثها. وفي هذا من المفاسد الكثيرة ما يتناقض مع القصد الأعلى وهو صلاح الأحوال الفردية، كما لا شك أنه يتناقض مع مقصد التشريع ومقصد المواعظ، والإنذار، والتحذير، والتبشير.

أهمية الولي في عقد النكاح:

شرع الإسلام وجود الولي في عقد النكاح رحمة بالمرأة في المقام الأول، حيث علم الصانع القدير ما للمرأة من عاطفة قادرة لأجلها التنازل عن كل ما يحفظ لها حقوقها وكرامتها عند خلقه وعند زوجها. قال تعالى: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) (١). فمن اختارت لنفسها أي نوع آخر غير الزواج الشرعي، مثل زواج المتعة أو زواج المسيار أو الزواج العرفي أو الزواج عن طريق المواقع الإلكترونية، فقد جعلت نفسها رخيصة الثمن سهُل تركها والتخلي عنها، حيث لا قيمة لها ذات بال. وأما الطريق السهل العذب الذي يتبعه الفضليات صاحبات القيم العالية والقلوب الطاهرة فهو التعفف عن كل هذا الاختلاط والتنعم بالهدوء وراحة البال بعيدا عن كل هذا العبث حتى ما يأتي الرزق الحلال الذي يرسله الله في وقته، وهو زوج ودود مّحِّب يحترمها ويدفع مهرها رغبة بها واحتراما لشخصها فهو سعيد بنولها ومرافقتها له كزوجة حنون واماً لأطفاله ورفيقة درب عالية المقام وملكة في بيتها. فشتان بين هذا وهذا. ولعل أقرب ما يتبادر إلى الذهن (رغم اخلاف الموضوع) قوله تعالى: (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) (٢). بل إن الإسلام جعل أفضل المسلمين أفضلهم لأهله، فقد روى أبو هريرة أن النبي قال: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم) (٣). وعلى المرأة أن تحترم رأي وليها؛ فهو أكبر منها سناً عادة ولديه خبرة واسعة بالناس ولا سيما الرجال مثله. وإن كان والدها فلتقدر له قدره وإحترامه وإحترام كلمته. ولتعلم أن


(١) سورة النساء، آية ٢٥.
(٢) سورة البقرة، آية ٦١.
(٣) أخرجه أبو داود (٤٦٨٢)، والترمذي (١١٦٢)، وصحيح ابن حبان (٤٧١٦)، وأحمد (٢/ ٤٧٢) واللفظ له. وأخرجه الألباني في صحيح الجامع (١٢٣٢) وصححه.

<<  <   >  >>