للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوالد أشفق على المرأة من أي خاطب أو أجنبي يتقدم لها. فلتستخير الله ولتفكر في رأي وليها ورأي أمها وأهلها وتستفت قلبها وتتوكل على الله. فمن خبرة الحياة تعلمنا أنه لا يشترط وجود حب متوهج ناحية الخاطب، لكن يجب أن يكون هناك قبول مبدأي وإحترام. وأن يكون الخاطب مقبول ديناً وخلقاً. قال : (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد عريض) (١). فلا ينبغي أن تقبل بتارك للصلاة أو سكير أو زير نساء أو سارق أو نحوه. لأنها ستعاني منه في حياتها. ولا تظن أن بإستطاعتها تغييره؛ فليس من السهل تغيير الصفات التي جبل عليها أحد أو العادات التي تمكنت منه. فالحمد لله على نعمة الإسلام الذي كرم المرأة وحفظ لها كرامتها واحترامها، وجعلها محاطة بالرعاية، والمحبة، وفي الحفظ، والصون.

زواج الثيِّب عن طريق مواقع الزواج الإلكترونية:

من الناحية الأخرى، إن كانت المرأة ثيباً كالمطلقة والأرملة وخاصة إذا لم يكن لها ولي، وترغب بالتستر بالزواج ولم يتقدم أحد لخطبتها، ربما تنفعها مثل هذه المواقع، فهي غالباً أوعى وأكثر عقلاً من البكر. وعادة ما تكون أكبر سناً وأكثر خبرة في الحياة. وقد أعطاها الإسلام الحق بتزويج نفسها. قال : (الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها) (٢). ولكن يُشترط موافقة الولي إن وُجِد لقوله : (لا نكاح إلا بولي) (٣). كما عليها التزام كل الآداب الإسلامية ولا تخرج مع الراغبين قبل الزواج ولا ترّخِّص نفسها، ولا تقبل بزواج المتعة، فإنه لن يحفظ لها حقاً، وستكون به كالمتاع المستعار، ولتخاف الله في نفسها وتحفظ حق أهلها وسمعتها، والله رقيب عليها وعلى خاطبها، فليتقيا الله ويكتبان الكتاب بشاهدين عند المأذون ولا يحق لهما ما يحق للأزواج قبل كتابة الكتاب. ومخالفة شيء من هذا يتناقض مع مقصد التشريع ومقصد تهذيب الأخلاق ومقصد المواعظ، والإنذار، والتحذير، والتبشير. وأما إن تم الزواج بالتزام التوصيات السابقة، فربما يكون سببا في تستر المرأة وحصولها على فرصة جديدة في الزواج تنال بها السعادة والرضى، وهذا قد يتوافق مع المقصد الأعلى وهو صلاح الأحوال الفردية.


(١) أخرجه السيوطي في الجامع الصغير (٣٤٦) وصححه، وأخرجه الألباني في صحيح الجامع (٢٧٠) وحسنه.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، عن عبد الله بن عباس، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، جزء ٢، صفحة ١٠٣٧، حديث رقم ١٤٢١.
(٣) أخرجه أبو داود (٢٠٨٥)، والترمذي (١١٠١)، وابن ماجه (١٨٨١)، وأحمد (١٩٧٦١).

<<  <   >  >>