للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ) (١). ولعل علماء الفقه يعتمدون على هذا المبدأ كثيراً في استنباط الأحكام ويرون مقاصد الشريعة ترتبط بالمصالح العامة والتي هي جزء من مقاصد القرآن الكريم. فمثلا يمكن للمتأمل لمس المصلحة في كل تشريع غالباً. وإن لم تظهر الحكمة منه فإن الشرع مقدم على المصلحة.

أنواع المصالح الفردية والجماعية:

• مصالح ضروريِّة: وهي التي لو فقدها الإنسان خسر الدنيا والآخرة، وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل.

• مصالح حاجيِّه: وهي التي إذا فقدها الإنسان وقع في الحرج والمشقة. ولهذا شرعت الشريعة الرخص في حمايتها، وهي: العبادات والمعاملات كالرخصة للمريض بالصلاة جالساً.

• مصالح تحسينية: وهي المصالح التي يقصد بها الأخذ بمحاسن العادات، ومكارم الأخلاق، مثل الطهارات بالنسبة للصلوات، وأخذ الزينة من اللباس، ومحاسن الهيئات، والطيب، وتحريم الخبائث من المطعومات، والرفق، والإحسان (٢).

علاقة مقاصد القرآن الكريم بالمصالح:

وتتوافق مقاصد القرآن الكريم مع عموم المصالح الضرورية، والعامة للأفراد، والمجتمع، والدولة. ورغم أن هذا المبدأ ملموس وواضح لمن أراد الحق، إلا أنه ورد فيه اختلاف بين بعض الفرق وسنعرض بعضها للتوضيح. فنجد أن المعتزلة يرون أن احكام الشرع تدرك كلها بالعقل وكذلك المصالح والمفاسد، ويرى الظاهرية في الجانب الآخر أن إعمال العقل في المفاسد والمصالح غير معتبر من الشارع لأن أحكامه لا تعلل ولا مدخل للعقل فيها، ولهذا أنكروا القياس. وأما أهل السنة فيرون أن العقل يدرك المفاسد والمصالح، ولكنه قد تخفى عليه أشياء. فهو إذن تابع للشرع، غير منفصل عنه، ولذا إذا وقع تعارض بين العقل والشرع، يقدم الشرع ولا تكليف إلا بإرسال رسل (٣). وهذا من وسطية واعتدال أهل السنة. وقد بُرهِنت كثير من الحِكَم في أحكام الشرع والمقاصد القرآنية للناس في عصرنا الحديث بعد التوسع في عصر التكنولوجيا واكتشاف حقائق علمية تتوافق مع ما جاء في أوامر


(١) سورة الأعراف، آية ١٥٧.
(٢) الشاطبي ومقاصد الشريعة، حمادي العبيدي.
(٣) المرجع السابق.

<<  <   >  >>