للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

............................................................


= ولم يرد بالقرن ما تصوروه في أنفسهم من قرون البقر وقرون الشاء، وإنما القرن حرفا الرأس، وللرأس قرنان، أي: حرفان وجانبان، ولا أرى القرن الذي يطلع في ذلك الموضع سمي قرنًا إلَّا بإسم موضعه، كما تسمي العرب الشيء بإسم ما كان له موضعًا أو سببًا، فيقولون: رفع عقيرته، يريدون صوته لأن رجلًا قطعت رجله فاستغاث من أجلها. فقيل لمن رفع صوته: رفع عقيرته. ومثل هذا كثير في كلام العرب، وكذلك قوله: في المشرق، من ها هنا يطلع قرن الشيطان، لا يريد ما يسبق إلى وهم السامع من قرون البقر، وإنما يريد: من ها هنا يطلع رأس الشيطان، والقرون أيضًا: خصل الشعر، كل خصلة قرن، ولذلك قيل للروم: ذات القرون، يراد أنهم يطولون الشعر، فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يعلمنا أن الشيطان في وقت طلوع الشمس وعند سجود عبدتها لها مائل مع الشمس: "فالشمس تجرى من قبل رأسه، فأمرنا أن لا نصلي في هذا الوقت الذي يكفر فيه هؤلاء ويصلون للشمس وللشيطان، وهذا أمر مغيب عنا لا نعلم إلَّا ما علمنا، والذي أخبرتك به شيء يحتمله التأويل". وما قاله ابن قتيبة -رحمه الله- واضح وصحيح: وقال النووي -رحمه الله تعالى- في شرح مسلم على قوله: "بين قرني الشمس" هل هو على الحقيقة أو على المجاز، فقيل: هو على حقيقته وظاهر لفظه، والمراد أنه يحاذيها بقرنيه عند غروبها، وكذا عند طلوعها لأن الكفار يسجدون لها حينئذ فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له، ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يجدون له، وقيل: هو على المجاز، والمراد بقرنيه: علوه وارتفاعه. وسلطانه وتسلطه وغلبة أعوانه. ثم ساق كلام الخطابي -رحمنا الله وإياهم-.
وانظر كلام أحمد شاكر -رحمنا الله وإياه- في سنن الترمذي (١/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>