والتحصيل والطلب الذي لا تفتر له عزيمة ولا تنام له عين ولا يهدأ له بال.
[رحلاته العلمية]
إن ما انفرد به علماء الإِسلام، لا سيما أئمة الحديث، الارتحال والتنقل تزودًا للعلم والرواية، وملازمة للأسفار في طلب العلوم الشرعيّة، وخاصة علم الحديث، وكان المقصود من الرحلة كما قال الخطيب: أمران: أحدهما تحصيل عُلُّوِّ الإسناد، وقِدَمِ السماع، والثاني لقاء الحفاظ والمذاكرة لهم والاستفادة منهم، وقد رحل ابن الملقن لهذا الشأن كما هي عادة المحدثين عدة رحلات شملت بلدان كثيرة، فرحل إلى دمشق، وحماه في سنة سبعين وسبعمائة، وكان في صحبته في هذه الرحلة ابنه علي وتلميذه ابن برهان الحلبي كما ذكره ابن شهاب الدين الحجي، وقرظ له ابن السبكي جزءًا من "تخريج أحاديث الرافعي"، مع التنويه بذكره، وقد كانت لابن الملقن رحلة أخرى إلى بلاد الحرمين سنة إحدى وستين وسبعمائة كما ذكره السخاوي في "الضوء اللامع"، أنه شاهد إجازة كتبها ابن الملقن في هذه السنة.
وقد ارتحل إلى بلاد المقدس للقاء الحافظ العلائي وقرأ عليه بها كتابه "جامع التحصيل في أحكام المراسيل" وفيها أثنى عليه العلائي ثناء بالغًا.
وقد كانت الرحلة عند علماء الحديث لها شأن عظيم لأنها تدل دلالة أكيدة على مواصلة الطالب فيما ابتدأ به، وعلى تحصيله العلمي