للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثامنها: قوله: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي ... إلى آخره" [و] (١) المراد محو الخطايا وترك المؤاخذة بها أو المنع من وقوعها، والعصمة منها، وهذا منه - صلى الله عليه وسلم - على قصد التعليم أو إظهار العبودية، وإلَّا فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، والثاني: أظهر إذ لو قصد التعليم لجهر به، ولا يبعد أن يكون ذلك دعاء لأمته - صلى الله عليه وسلم - وقال: القرطبي (٢) في شرحه: هذا الدعاء منه - صلى الله عليه وسلم - على جهة المبالغة في طلب غفران الذنوب وتبرئته منها.

تاسعها: في قوله: "اللهم باعد ... إلى آخره"، مجازان:

الأول: استعمال المباعدة في ترك المؤاخذة، والمباعدة إنما تكون في الزمان أو المكان.

الثاني: استعمالها في الإِزالة الكلية مع أن أصلها لا يقتضي الزوال، وليس المراد البقاء مع البعد، ولا ما يطابقه من المجاز، بل المراد الإِزالة الكلية، ومثله قوله -تعالى-: {تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} (٣) والمراد التبري منه، وكذلك التشبيه بالمباعدة بين

المشرق والمغرب، فإن المراد منه ترك المؤاخذة.

عاشرها: قوله: "من الدنس" هو أيضًا مجاز عن زوال الذنوب وأثرها، ولا شك أن الدنس في الثوب يكون غير البياض، وطعم غير طيب، ورائحة كريهة. وجاء في رواية في صحيح مسلم: "من


(١) في ن د ساقطة.
(٢) المفهم (٢/ ١٠٤٦).
(٣) سورة آل عمران: آية ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>