للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخامس: قد أسلفنا أن معنى النية القصد، وذلك لا يؤثر إلَّا إذا كان جازمًا بالمقصود بصفته الخاصة وإلَّا لم يكن قصدًا، فلو كان شاكًّا في وجود شرط ذلك الفعل أو علق النية على شرط لم يصح المنوي، نعم لو كان جازمًا بالوجوب ناسيًا صفته كمن تحقق أن عليه صومًا ولم يدر أنه من قضاء رمضان أو نذر أو كفارة فقد حكى صاحب (البيان) (١) عن الصيمري (٢): أنه يصح إذا نوى الصوم الواجب عليه؛ قياسًا على من نسي صلاة من الخمس ولم يدر عينها فإنه يعذر في جزم النية للضرورة، ولو علق كما إذا قال: أصوم غدًا إن شاء الله تعالى، فالأصح أنه إن قصد الشك أو التعليق لم يصح، وإن قصد التبرك أو تعليق الحياة على مشيئة الله تعالى وتمكنه صح، ثم فى عدم الجزم بالنية صورٌ محلُّ الخوض فيها كتب الفروع.

الحادي والعشرون: قوله عليه السلام: "إنما الأعمال بالنيات" وهو متعلق بالخبر المحذوف، ولا جائز أن يقدر وجودها لوجود

العمل ولا نية، فتعين أن يقدر نفي الصحة أو نفي الكمال، وفيه مذهبان للأصوليين، والأظهر الأول؛ لأنه أقرب إلى حضوره بالذهن عند الإِطلاق فالحمل عليه أولى، وقد يقدرونه بالاعتبار أي اعتبار


(١) هو يحيى بن أبي الخير بن سالم بن أسعد أبو الخير العمراني اليماني ولد سنة (٤٨٩) وتوفي سنة (٥٥٨) صاحب (البيان) و (الزوائد) ترجمته في طبقات ابن قاضي شهبة (١/ ٣٢٧)، ومرآة الجنان (٣/ ٣١٨).
(٢) هو عبد الواحد بن الحسين أبو القاسم الصيمري، وكانت وفاته بعد سنة ست وثمانين وثلاثمائة تهذيب الأسماء واللغات (٢/ ٢٦٥)، وطبقات ابن قاضي شهبة (١/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>