الغفلات والجهالات بالانهماك في الشهوات، فتركن النفوس إلى البطالة حتى تصدأ فلا يصقلها إلَّا الذكر.
وقال ابن بزيزة: يحتمل أن يكون المعنى أنكم لو علمتم من رحمة الله -تعالى- وحلمه، وعفوه عن ذنوب خلقه ومعاني كرمه ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلًا فبكاؤكم إذ لم تفهموا من ذلك ما فهمت ولمَ تعلموا منه ما علمت. وينشأ هذا عن مطالعة جمال الله -تعالى- ونعوت أفضاله ومشاهدة النعم الواسعة التي لا تقصر عن شيء.
فائدة: قال ابن منده في مستخرجه قوله: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا" رواه مع عائشة عشرة من الصحابة.
الرابع والعشرون: في قوله "لو تعلمون ما أعلم" إلى آخره دليل على علة مقتضى الخوف وترجيح الخوف في الموعظة على الإِشاعة
بالرخص لما في ذلك من التسبب إلى تسامح النفوس لما جبلت عليه من الإِخلاد إلى الشهوات، وذلك مرضها الخطر. والطبيب الحاذق يقابل العلة بضدها لا بما يزيدها. فإن العلل المزمنة إن لم يبادر إليها يقطع مادة الداء بالدواء النافع القاطع لها وإلَاّ استحكمت العلة.
الخامس والعشرون: فيه الحث على قلة الضحك وكثرة البكاء والتحقيق بما الإِنسان صائر إليه وما هو فيه، ولا شك أن كثرة الضحك وقلة البكاء مذمومان شرعًا، فإنهما يدلان على قسوة القلب وكثرة البطر. ومن الضحك ما هو محمود وهو ما إذا اقترن به مقصود شرعي من تعجب بنعم الله -تعالى- أو فرح للمسلمين أو تجلد