للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها: كأن براءته -عليه الصلاة والسلام- من هؤلاء من باب قوله: "من غشنا فليس منا" (١) ونحوه أي: ليس من أهل سنتنا ولا من المهتدين بهدينا.

فالمراد: المبالغة في الزجر، وليس المراد به الخروج من الدين، كما في قوله -تعالى-: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (٢) فإن الشرك كفر. والمعاصي سواه، ليست بكفر عند أهل السنَّة.


(١) مسلم (١٠٢) في الإِيمان، والترمذي (١٣١٥) في البيوع، وابن ماجه (٢٢٢٤) في التجارات، وأبو داود (٣٤٥٢) في البيوع، وأبو عوانة (١/ ٥٧)، والبيهقي (٥/ ٣٢٠)، وأحمد (٢/ ٢٤٢)، وابن حبان (٥٦٧، ٤٩٠٥)، والبغوي (٢١٢٠، ٢١٢١) وابن منده (٥٥٠/ ٥٥١) في الإِيمان. قال البغوي في شرح السنَّة (٨/ ١٦٧) على قوله: "من غشنا فليس منا"، وفي رواية: "من غش فليس مني": لم يرد به نفيه عن دين الإِسلام، إنما أراد أنه ترك اتباعي، إذ ليس هذا من أخلاقنا وأفعالنا، أو ليس هو على سنتي وطريقتي في مناصحة الإِخوان، هذا كما يقول الرجل لصاحبه: أنا منك، يريد به الموافقة والمتابعة، قال الله -سبحانه- إخباراً عن إبراهيم -عليه السلام-: "فمن تبعني فإنه مني" والعش نقيض النصح، مأخوذ من الغشش، وهو المشرب الكدر ... إلخ.
قال النووي في شرح مسلم (٢/ ١٠٨): وكان سفيان بن عيينة -رحمه الله-: يكره قول من يفسره بليس على هدينا ويقول: بئس هذا القول يعني بل يمسك عن تأويله ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر، والله أعلم. انظر "تيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد (٤٥٥).
(٢) سورة التوبة: آية ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>