للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خلق الله -تعالى- (١).


(١) وقد نقل ابن حجر -رحمه الله- وجهاً بالمنع من تصوير الأشجار عن أبي محمد الجويني، لأن من الكفار من عبدها، قلت: ولا يلزم من تعذيب من صور ما فيه روح بما ذكر تجويز تصوير ما لا روح فيه، فإن عموم قوله: "الذين يضاهون بخلق الله" وقوله: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي"، يتناول ما فيه روح وما لا روح فيه، فإن خص ما فيه روح بالمعنى من جهة أنه مما لم تجر عادة الآدميين بضعته وجرت عادتهم بغرس الأشجار مثلاً امتنع ذلك في مثل تصوير الشمس والقمر، ويتأكد المنع بما عبد من دون الله، فإنه يضاهي صورة الأصنام التي هي الأصل في منع التصوير، وقد قيد مجاهد صاحب ابن عباس جواز تصوير الشجر بما لا يثمر وأما ما يثمر فألحقه بما له روح، قال عياض: لم يقله أحد غير مجاهد، ورده الطحاوي بأن الصورة لما أبيحت بعد قطع رأسها التي لو قطعت من ذي الروح لما عاش دل على إباحة ما لا روح له أولاً قلت: وقضيته أن تجويز تصوير ما له روح بجميع أعضائه إلَّا الرأس فيه نظر لا يخفى، وأظن مجاهداً سمع حديث أبي هريرة الماضي ففيه: "فليخلقوا ذرة، وليخلقوا شعيرة" فإن في ذكر الذرة إشارة إلى ماله روح وفي ذكر الشعيرة إشارة إلى ما ينبت مما يؤكل، وأما لا روح فيه ولا يثمر فلا تقع الإِشارة إليه. اهـ، من فتح الباري (١٠/ ٣٩٤).
وأيد الصنعاني -رحمه الله- في حاشيته على الأحكام (٣/ ٢٥٦)، وتفسير القرطبي (١٣/ ٢٢١، ٢٢٢) (١٤/ ٢٣٨)، ما ذهب إليه مجاهد قال: والحق مع مجاهد لعموم الدليل، ولا نسلم خصوص: "أحيوا ما خلقتم" بذوات الروح، وأي روح في الشعيرة فلا بد أن يراد ما لحياة ما أسلفناه، وفتيا ابن عباس اجتهاد منه ... إلخ. اهـ. وقد ورد في حديث عند ابن ماجه (٣٦٥٢) ولفظه عن أبي أمامة: "أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته أن زوجها في بعض المغازي فاستأذنته أن تصور في بيتها نخلة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>