للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السادس عشر: بناء غير المساجد على القبور إن كان لمعنى مقصود شرعي فهو جائز إجماعاً، بشرط أن لا يكون في بقعة محرمة من غصب أو تسبيل على المسلمين. وقد نص الشافعي وأصحابه على تحريم البناء في المقبرة المسبلة للمسلمين (١).


= في بقعة نجسة فعليه لعنة الله، ويلزم على ما قاله هؤلاء: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبين العلة، وأحال الأمة في بيانها على من يجيء بعده - صلى الله عليه وسلم - بعد القرون المفضلة والأئمة، وهذا باطل قطعاً وعقلاً وشرعاً، لما يلزم عليه من أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عجز عن البيان أو قصر في البلاغ، وهذا من أبطل الباطل، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلغ البلاغ المبين، وقدرته في البيان فوق قدرة كل أحد، فإذا بطل اللازم بطل الملزوم ويقال أيضاً: هذا اللعن والتغليظ الشديد إنما هو فيمن اتخذ قبور الأنبياء مساجد، وجاء في بعض النصوص ما يعم الأنبياء وغيرهم، فلو كانت هذه هي العلة لكانت منتفية في قبور الأنبياء، لكون أجسادهم طرية لا يكون لها صديد يمنع من الصلاة عند قبورهم، فإذا كان النهي عن اتخاذ المساجد عند القبور يتناول قبور الأنبياء بالنص، عُلم أن العلة ما ذكره هؤلاء الذين قد نقلت أقوالهم، والحمد لله على ظهور الحجة وبيان المحجة، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وعلة ما يؤدي إليه ذلك: من الغلو فيها وعبادتها من دون الله كما هو الواقع، والله المستعان.
(١) وقال أيضاً: وقد حدث بعد الأئمة الذين يعتد بقولهم أناس في أبواب العلم بالله اضطرابهم وغلظ عن معرفة ما بعث الله به رسوله من الهدى والعلم حجابهم، فقيدوا نصوص الكتاب والسنَّة بقيود أوهنت الانقياد، وغيّروا بها ما قصده الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالنهي وأراد، فقال بعضهم: النهي عن البناء على القبور يختص بالمقبرة المسبلة، والنهي عن الصلاة فيها لتنجسها بصديد الموتى، وهذا كله باطل -ثم ساق ما ذكرناه بأعلاه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>