ثانيها: تقدم الكلام على الصوم في الحديث قبله واضحاً فأغنى عن إعادته.
ثالثها: تقدم الكلام على قيام كل الليل أيضاً فيه، وأما قيام بعضه فسنَّة ثابتة، وأفضل قيامه في النصف الأخير، وأي وقت قام منه كان آتياً بالسنَّة، وكان فاعله ممن يجافي جنبه عن المضاجع، حتى ورد ذلك في حق من قام بين المغرب والعشاء لكن القيام بين المغرب والعشاء لا يسمى تهجداً، بل التهجد في عرف الشرع من قام بين فعل العشاء ونومه وطلوع الفجر. ووسط الليل أفضل من الأول والأخير، وإن كانت الصلاة آخر الليل مشهودة، لأن الغفلة فيه أكثر وأفضل من هذا السدس.
الرابع الخامس: كما كان داود - صلى الله عليه وسلم - يفعله، ومن أطلق من أصحابنا أن الثلث الأوسط أفضل، فمراده هذا الثلث ووجه كونه أفضل ما في نومه من السدس الأخير من مصلحة الإِبقاء على النفس واستقبال صلاة الصبح وأذكار النهار بنشاط، والذي تقدم في الصوم من المعارض وارد هنا من أن زيادة العمل تقتضي زيادة الفضيلة، والكلام فيه كالكلام في الصوم من تفويض مقابلة المصالح والمفاسد إلى صاحب الشرع، ومن مصالح القيام على ما في هذا الحديث أنه أقرب إلى عدم الرياء في العمل، فإن من نام السدس الأخير فإن نفسه تكون مجموعة غير منهوكة القوى، لا يظهر عليها أثر العمل عند من يراه، وقد قيل: إن عدم النوم في السحر يصفر
= ولا تعطيل على ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -.