قلت: وقول القاسم بن الفضل الحداني أنه حسب مدة بني أمية فوجدها الف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقص ليس بصحيح، فإن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- استقل بالملك حين سلم إليه الحسن بن علي الإِمرة سنة أربعين واجتمعت البيعة لمعاوية وسمى ذلك عام الجماعة، ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها لم تخرج عنهم إلَاّ مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد قريباً من تسع سنين، ولكن لم تزل يدهم عن الإِمرة بالكلية، بل عن بعض البلاد إلى أن استلبهم بنو العباس الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فيكون مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة، وذلك أزيد من ألف شهر فإن الألف شهر عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، وكان القاسم بن الفضل أسقط من مدتهم أيام ابن الزبير على هذا فيقارب ما قاله الصحة في الحساب، والله أعلم. ومما يدل على ضعف هذا الحديث أنه سيق لذم دولة بني أمية، ولو أريد ذلك لم يكن بهذا السياق، فإن تفضيل ليلة القدر على أيامهم لا يدل على ذم أيامهم، فإن ليلة القدر شريفة جدَّا، والسورة الكريمة إنما جاءت مدح ليلة القدر، فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أمية التي هي مذمومة بمقتضى هذا الحديث، وهل هذا إلَاّ كما قال القائل: ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصا وقال آخر: إذا أنت فضلت امرءاً ذا براعة ... على ناقص كان المديح من النقص ثم الذي يفهم من الآية أن الألف شهر المذكورة في الآية هي آيام بني أمية، والسورة مكية، فكيف يحال على الف شهر هي دولة بني أمية، ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها، والمنبر إنما صنع بالمدينة بعد مدة من =