للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنهم من كان يدعو الطبيب كاهناً وربما دعوه عرافاً فهذا غير داخل في جعلة النهي وإنما هو مغالطة في الأسماء وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطب وأباح العلاج والتداوي هذا آخر كلامه (١).

قال الماوردي في آخر "أحكامه السلطانية" (٢): ويمنع المحتسب من يكتسب بالكهانة واللهو ويؤدب عليه الآخذ والمعطي.

...


(١) عن أسامة بن شريك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تداووا، فإن الله لم ينزل داءً إلَاّ وقد أنزل له شفاء، إلَاّ السام والهرم". أخرجه الحميدي (٨٢٤)، وابن ماجه (٣٤٣٦)، وأحمد (٤/ ٢٧٨)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٢٩١)، وأبو داود (٣٨٥٥) في الطب، باب: في الرجل يتداوى، والترمذي (٢٠٣٨)، والبيهقي (٩/ ٣٤٣)، والبغوي في شرح السنة (٣٢٢٦)، والطيالسي (١٢٣٢).
قال ابن القيم -رحمنا الله وإياه- في زاد المعاد (٤/ ١٥): وفي هذه الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفعُ داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلَاّ بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزٌ ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا يدفع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلَاّ كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً، ولا توكله عجزاً. اهـ.
(٢) الأحكام السلطانية (٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>