للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بالموت، كاللحم والشحم والعصب، وأما الشعرُ والوبرُ والصوف، فلا يدخل في ذلك، لأنه ليس بميتة، ولا تحله الحياة. وكذلك قال جمهورُ أهل العلم: إن شعور الميتة وأصوافها وأوبارَها طاهرة إذا كانت من حيوان طاهر، هذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل، والليث، والأوزاعي، والثوري، وداود، وابن المنذر، والمزني، ومن التابعين: الحسن، وابن سيرين، وأصحاب عبد الله بن مسعود، وانفرد الشافعي بالقول بنجاستها، واحتجَّ له بأن اسمَ الميتة يتناولُها كَما يتناول سائر أجزائها بدليل الأثر والنظر، أما الأثُر، ففي "الكامل" لابن عدي: من حديث ابن عمر يرفعه: "ادْفِنُوا الأَظْفَارَ، والدَّمَ والشَّعَرَ، فَإنَّها مَيْتَةٌ". وأما النظر، فإنه متصل بالحيوان ينمو بنمائه، فينجس بالموت كسائر أعضائه، وبأنه شعر نابت في محل نجس، فكان نجساً كشعر الخنزير، وهذا لأن ارتباطه بأصله خِلقة يقتضي أن يثبت له حكمُه تبعاً، فإنه محسوب منه عرفاً، والشارع أجرى الأحكامَ فيه على وفق ذلك، فأوجب غسله في الطهارة، وأوجبَ الجزاء بأخذه من الصيد كالأعضاء، وألحقه بالمرأة في النكاح والطلاقِ حِلاً وحرمة، وكذلك هاهنا، وبأن الشارعَ له تشوف إلى إصلاح الأموالِ وحفظها وصيانتها، وعدم إضاعتها. وقد قال لهم في شاة ميمونة: "هلَاّ أَخْذْتُم إهَابَها فَدَبغْتُمُوه فَانْتَفَعْتُم بِهِ". ولو كان الشعر طاهراً، لكان إرشادُهم إلى أخذه أولى، لأنه أقلُّ كلفة، وأسهل تناولاً.
قال المطهِّرُونَ للشعور: قال الله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: ٨٠]، وهذا يعم أحياءها وأمواتَها، وفي مسند أحمد: عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس -رضي الله عنه-، قال: مرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بشاة لميمونة ميتة، فقال: ألَاّ انتفعتم "بإهابها"، قالوا: وكيفَ وهي ميتة؟ قال: "إنَّما حَرُمَ لَحْمُهَا". وهذا ظاهرٌ جداً في =

<<  <  ج: ص:  >  >>