للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................


= حد المكروه منه؟ ... إلخ السؤال، فأجاب: الوسواس نوعان:
أحدهما: لا يمنع ما يؤمر به من تدبر الكلم الطيب والعمل الصالح الذي في الصلاة، بل يكون بمنزلة الخراطر فهذا لا يبطل الصلاة، لكن من سلمت صلاته منه فهو أفضل ممن لم تسلم منه صلاته، الأول شبه حال المقربين، والثاني شبه حال المقتصدين، وأما الثالث فهو ما منع الفهم وشهود القلب، بحيث يصير الرجل غافلًا فهذا لا ريب أنه يمنع الثواب، كما روى أبو دارد في سننه عن عمار بن ياسر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلَّا نصفها، إلَّا ثلثها، إلَّا ربعها، إلَّا خمسها، إلَّا سدسها، حتى قال: "إلَّا عشرها" فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه قد لا يكتب له منها شيء إلَّا العشر، وقال ابن عباس: ليس لك من صلاتك إلَّا ما علقت منها، ولكن هل يبطل الصلاة ويوجب الإعادة؛ فيه تفصيل: فإنه إن كانت الغفلة في الصلاة أقل من الحضور والغالب الحضور لم تجب الإعادة، وإن كان الثواب ناقصًا، فإن النصوص قد تواترت بأن السهو لا يبطل الصلاة، وإنما يجبر بعضه بسجدتي السَّهو، وأما إن غلبت الغفلة على الحضور ففيه للعلماء قولان: أحدهما: لا تصح في الباطن وإن صحت في الظاهر، كحقن الدم؛ لأن مقصود الصلاة لم يحصل، وهذا قول أبي عبد الله بن حامد، وأبي حامد الغزالي، وغيرهما.
الثاني: تبرأ الذمة فلا تجب عليه الإعادة، وإن كان أجر له فيها ولا ثواب، بمنزلة صوم الذي لم يدع قول الزور العمل به فليس له من صيامه إلَّا الجوع والعطش، وهذا هو المأثور عن الإمام أحمد؛ واستدلوا بالحديث المذكور "في تعليق ما قبل هذا" فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الشيطان يذكره بأمور حتى لا يدري كم صلى، وأمره بسجدتين للسهو، ولم يأمره =

<<  <  ج: ص:  >  >>