يمسكون عن تأويل هذا وأمثاله، لأنه أبلغ في الردع عن مخالفة السنة.
الوجه الثالث في أحكامه:
الأول: يستدل به من رجح النكاح على التخلي لنوافل العبادات، فإن هؤلاء القوم قصدوا هذا المقصد فرده -عليه الصلاة والسلام- عليهم، وأكد ذلك بأن خلافه رغبة عن السنة، قال الشيخ تقي الدين (١): ويحتمل أن تكون هذه الكراهة للتنطع والغلو في الدين، وقد يختلف ذلك باختلاف المقاصد: فإن من ترك أكل اللحم -مثلًا- يختلف حكمه بالنسبة إلى مقصوده، فإن كان من باب الغلو والتنطع، والدخول في الرهبانية فهو ممنوع، مخالف للشرع، وإن كان لغير ذلك من المقاصد المحمودة كمن تركه تورعًا لقيام شبهة في ذلك الوقت في اللحوم، أو عجزًا أو لمقصود صحيح غير ما تقدم، لم يكن ممنوعًا، وظاهر الحديث ما ذكرناه من تقديم النكاح، كما يقوله أبو حنيفة، ومن وافقه قال: ولا شك أن الترجيح يتبع المصالح، ومقاديرها مختلفة، وصاحب الشرع أعلم بتلك المقادير، فإذا لم يعلم المكلف حقيقة تلك المصالح، ولم يستحضر أعدادها فالأولى اتباع اللفظ الوارد في الشرع.
وقال القاضي عياض: لا حجة في هذا الحديث لمن يوجب النكاح لأنه ذكر معه غيره فرد الكلام إلى النكاح وحده دون قرينة لا يلتفت إليه.