للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وفي لفظ له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا، وأما المؤمن فإن الله يدّخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقًا في الدنيا على طاعته". اهـ.
فهذا الحديث الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه التصريح بأن الكافر يجازى بحسناته في الدنيا فقط، وأن المؤمن يجازى بحسناته في الدنيا والآخرة معًا، وبمقتضى ذلك، يتعين تعيينًا لا محيص عنه، أن الذي أذهب طيباته في الدنيا واستمتع بها هو الكافر، لأنه لا يجزى بحسناته إلَّا في الدنيا خاصة.
وأما المؤمن الذي يجزى بحسناته في الدنيا والآخرة معًا، فلم يذهب طيباته في الدنيا، لأن حسناته مدخرة له في الآخرة مع أن الله -تعالى- يثيبه بها في الدنيا كما قال -تعالى-: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} فجعل المخرج من الضيق له ورزقه من حيث لا يحتسب ثوابًا في الدنيا وليس ينقص أجر تقواه في الآخرة.
والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة، وعلى كل حال فالله -جلَّ وعلا- أباح لعباده على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - الطيبات في الحياة الدنيا، وأجاز لهم التمتع بها، ومع ذلك جعلها خاصة بهم في الآخرة، كما قال -تعالى-: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
فدل هذا النص القرآني أن تمتع المؤمنين بالزينة والطيبات من الرزق في الحياة الدنيا لم يمنعهم من اختصاصهم بالتنعم بذلك يوم القيامة، وهو صريح في أنهم لم يذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.
ولا ينافي هذا أن من كان يعاني شدة الفقر في الدنيا كأصحاب الصفة، يكون لهم أجر زائد على ذلك، لأن المؤمنين يؤجرون، بما يصيبهم في الدنيا من المصائب والشدائد، كما هو معلوم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>