الثاني: أن قوله: "إن مراسيل ابن إسحاق لا تقاوم الصحيح المسند ولا تعارضه"، فجوابه: أنَّ الاعتماد في هذا ليس على رواية ابن إسحاق وحده لا متصلة ولا مرسلة، بل على النقل المتواتر عند أهل المغازي والسير: [أن أم حبيبة - رضي الله عنها - هاجرت مع زوجها، وأنه هلك نصرانيًا بأرض الحبشة، وأن النجاشي زوَّجها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمهرها من عنده، وقصتها في كتب المغازي والسير]، وذكرها أئمة العلم. واحتجوا بها على جواز الوكالة في النكاح. قال الشافعي في رواية الربيع: - "في حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا [أ] نكح الوليان فالأول أحق" قال: "فيه دلالة على أن الوكالة في النكاح جائزة. . . ." مع: "توكيل النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري فزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان - رضي الله عنها -". وقال الشافعي في كتابه "الكبير" (أيضًا -رواية الربيع-): "ولا يكون الكافر وليًا لمسلمة وإن كانت بنته، قد زوج ابن سعيد بن العاص النبي - صلى الله عليه وسلم - أم حبيبة بنت أبي سفيان، وأبو سفيان حي؛ لأنها كانت مسلمة، وابن سعيد مسلم، ولا أعلم مسلمًا أقرب بها منه، ولم يكن لأبي سفيان فيها ولاية؛ لأن الله قطع الولاية بين المسلمين والمشركين، والمواريث والعقل، وغير ذلك". اهـ.