للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٦٨)}. فمثل هذا هو المنهي عنه، وأما هذا الحديث الذي نحن فيه فإنما أخبر -عليه الصلاة والسلام- فيه عن يقين نفسه أن سليمان -عليه الصلاة والسلام-: "لو قال إن شاء الله لجاهدوا"، إذ ليس هذا مما يدرك بالظن والاجتهاد وإنما أخبر عن حقيقة أعلمه الله تعالى وهو نحو قوله -عليه الصلاة والسلام- "لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن امرأة زوجها" (١) فلا


(١) البخاري (٣٣٣٠)، ومسلم (١٤٧٠)، وقوله: "لم يخنز اللحم" بالخاء المعجمة، والنون، والزاي، يقال: خنز اللحم يخنز من باب تعب: إذا أنتن وتغير ريحه، وفيه لغة أخرى أنه من باب قعد. قال النووي -رحمنا الله وإياه- في "شرح مسلم" (١٠/ ٥٩): قال العلماء: معناه أن بني إسرائيل لما أنزل الله عليهم المن والسلوى نُهوا عن إدخارهما، فادخروا، ففسد، وأنتن، واستمر من ذلك الوقت.
وقوله: "لم تخن أنثى زوجها". قال الحافظ -رحمنا الله وإياه- في "الفتح (٦/ ٣٦٨): فيه إشارة إلى ما وقع من حواء في تزيينها لآدم الأكل من الشجرة حتى وقع في ذلك، فمعنى خيانتها: أنها قبلت ما زين لها إبليس حتى زينته لآدم، ولما كانت هي أم بنات آدم أشبهنها بالولادة ونزع العرق، فلا تكاد امرأة تسلم من خيانة زوجها بالفعل أو بالقول، وليس المراد بالخيانة هنا ارتكاب الفواحش، حاشا وكلا, ولكن لما مالت إلى شهوة النفس من أكل الشجرة، وحَسَّنت ذلك لآدم، عُدَّ ذلك خيانةً له، وأما من جاء بعدها من النساء، فخيانة كل واحدة منهن بحسبها.
قال الشيخ أحمد شاكر -رحمنا الله وإياه- في تعليقه على الحديث في "المسند" (٨٠١٩) بعد أن نقل كلام الحافظ: وأزيد على قول الحافظ: إنه لم يكن هناك رجال غير آدم حتى يوجد احتمال أن تكون الخيانة بارتكاب الفواحش. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>