للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحبس نفسه على أمر عظيم وهي اليمين الحانثة، ومنه نهى أن تصبّر البهائم (١)، أي: تحبس وتجعل غرضًا يرمى إليها. وقال القاضي عياض (٢): الصبر هنا يحتمل أن يكون بمعنى الإِكراه، أي: أكره حتى حلف، ويحتمل أن يكون بمعنى الجرأة والإِقدام ومنه قوله تعالي: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥)}.

قلت: هذا الثاني هو الظاهر مع ما ذكرته من كونه الحبس.

الثالث: هذه اليمين تسمى أيضًا غموسًا لأنها تغمس صاحبها في الإِثم أو في النار، وهي من الكبائر وتتعلق بها الكفارة عند الشافعي خلافًا للأئمة الثلاثة، قالوا: وإثمها أعظم من أن يكفر، قال الماوردي (٣) وغيره من الشافعية: وهذه اليمين يستحيل فرض انعقادها لأن عقدها، إنما يكون فيما ينتظر بعدها من برأو حنث، وهذه اليمين قد اقترن بها الحنث بعد استيفاء لفظها، فلذلك لم تنعقد، ووجبت الكفارة باستيفاء اليمين، ونحن نعتبر في وجوب الكفارة مجرد [. . .] (٤) والحنث، وقد وجدا في هذه اليمين ولا يعتبر الانعقاد.


(١) من حديث جابر عند مسلم ولفظه: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقتل شيء من الدواب صبرًا". أخرجه مسلم (١٩٥٩)، ومن حديث أبي أيوب ولفظ "نهى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - عن صبر البهائم". أخرجه أحمد (٥/ ٤٢٢)، والدارمي (٢/ ٨٣)، والبيهقي في السنن (٩/ ٧١).
(٢) أشار إليه في إكمال إكمال المعلم (١/ ٢٢٠، ٢٤٢).
(٣) الحاوي الكبير (١٩/ ٣١٧).
(٤) بياض بمقدار كلمة (في الأصل).

<<  <  ج: ص:  >  >>