من هذه الأحوال نفذ إذا صادف الحق وكان مكروهًا لهذا النهي، وقد قضى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في شراج الحرة وقال في لقطة الإِبل:"مالك ولها دعها" في حال الغضب.
قلت: لكنه في حق -عليه أفضل الصلاة والسلام- لا يكره فإنه معصوم، ولا يقول في الرضا والغضب إلَّا حقًّا، وممن صرح بعدم الكراهة في حقه هو في "شرحه لمسلم" هو بعد هذا بأوراق في أثناء كتاب اللقطة (١) حيث قال في حديث لقطة الإِبل: فيه جواز الفتوى والحكم في حال الغضب، وأنه نافذ، لكن يكره ذلك في حقنا, ولا يكره في حقه - صلى الله عليه وسلم -، لأنه لا يخاف عليه في الغضب ما يخاف علينا هذا لفظه.
وأما من ادعى أنه لعله تكلم عن الحكم قبل أن يغضب أو لم ينته به الغضب إلى الحد القاطع عن سلامة الحاضر فبعيد واهٍ، وأي ضرورة دعت إلى ذلك.
الثانية: ظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يكون الغضب لله تعالى أو لغيره، وهو ظاهر إطلاق جماعة من الشافعية، لكن قيد إمام الحرمين والبغوي وغيرهما الكراهة فيما إذا لم يكن الغضب لله تعالى. وأما الروياني فإنه يستغرب هذا التفصيل.
الثالثة: العمل بالكتابة، وأنها كالسماع من الشيخ في وجوب العمل. وأما في الرواية فمنع الرواية بها قوم إذا كانت مجردة عن الإِجازة منهم الماوردي والصحيح المشهور بين أهل الحديث الجواز