ثالثها: قال ابن بطال: خالف ابن شهاب رواية قتادة وثابت وعبد العزيز بن صهيب في كون الخاتم الفضة استقر في يد النبي - صلي الله عليه وسلم - يختم به الخلفاء بعده، فوجب الحكم للجماعة، وإن وهم الزهري فيه، لكن قال المهلب: قد يمكن أن يتأول لابن شهاب ما ينفي عنه الوهم وإن كان الوهم أظهر، وذلك أنه يحتمل أن يكون لما عزم على إطراح خاتم الذهب اصطنع خاتم الفضة بدليل أنه كان لا يستغني عن الختم على الكتب إلى الملوك وغيرهم من أمراء السرايا والعمال، فلما لبس خاتم الفضة أراد الناس أن يصطنعوا مثله فطرح عند ذلك خاتم الذهب فطرح الناس خواتيم الذهب، قلت: ولا يخفى وهي هذا الجواب، والذي قاله الإِسماعيلي أقرب مع أنه يخدش فيه أنه يستلزم اتخاذ خاتم الورق مرتين. وقد نقل عياض نحوًا من قول ابن بطال قائلًا: قال بعضهم: يمكن الجمع بأنه لما عزم على تحريم خاتم الذهب اتَّخذ خاتم فضة فلما لبسه أراه الناس في ذلك اليوم ليعلموا إباحته ثم طرح خاتم الذهب وأعلمهم تحريمه فطرح الناس خواتيمهم من الذهب، فيكون قوله: "فطرح خاتمه وطرحوا خواتيمهم" أي التي من الذهب. وحاصله أنه جعل الموصوف في قوله: "فطرح خاتمه فطرحوا خواتيمهم"، خاتم الذهب وإن لم يجرِ له ذكر. قال عياض: وهذا يسوغ أن لو جاءت الرواية مجملة. ثم أشار إلى أن رواية ابن شهاب لا تحتمل هذا التأويل، فأما النووي فارتضى هذا التأويل وقال: هذا هو التأويل الصحيح، وليس في الحديث ما يمنعه. قال: وأما قوله: "فصنع الناس الخواتيم من الورق فلبسوها"، ثم قال: "فطرح خاتمه فطرحوا خواتيمهم"، فيحتمل أنهم لما علموا أنه - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يصطنع لنفسه خاتم فضة اصطنعوا لأنفسهم خواتيم الفضة وبقيت معهم =