للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعها: أنه بتسبيح الجريدتين ما دامتا رطبتين (١)، ويؤيده


(١) الصحيح أن حديث وضع الجريدة على القبر من خصائصه وأن التخفيف لم يكن من أجل نداوة شقها من عدة أمور:
١ - حديث جابر المخرج في آخر صحيح مسلم وفي: "إذ إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرد عنهما ما دام الغصنان رطبين" فهذا صريح في أن رفع العذاب إنما هو بسب شفاعته - صلى الله عليه وسلم - ودعائه لا بسبب النداوة، وسواء اتحدت قصة ابن عباس مع جابر، أو تعددت، فإنه على كلا الاحتمالين فالعلة واحدة في القصتين للتشابه الموجود بينهما، ولأن كون النداوة سببًا لتخفيف العذاب عن المسند مما لا يعرف شرعًا ولا عقلًا، ولو كان الأمر كذلك لكان أخف الناس عذابًا في قبورهم الكفار الذين يدفنون في مقابر أشبه ما تكون في الجنان.
٢ - قولهم: إن سبب تأثير النداوة في التخفيف كونها تسبح الله، فإذا يبست انقطع تسبيحها، فإن هذا التعليل مخالف لعموم قوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}. فعم كل شيء مخلوق.
٣ - في حديث ابن عباس نفسه ما يشير إلى أن السر ليس في النداوة وبالأحرى ليست هي السبب في تخفيف العذاب، وذلك قوله: "ثم دعا بعسيب فشقه اثنين"، يعني طولًا، فإنه من المعلوم أن شقه سبب لذهاب النداوة من الشق ويبسه بسرعة.
٤ - لو كانت النداوة مقصودة بالذات، لفهم ذلك السلف الصالح ولحملوا بمقتضاه، ولو ضعوا الجريد والآس ونحو ذلك على القبور عند زيارتهم لها، ولو فعل ذلك لاشتهر ونقل عن الثقات إلينا.
٥ - أن حصول العذاب على المسند وعدمه من الأمور الغيبية التي لا يطلع عليها إلا الله أو من أطلعه الله، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}. اهـ من كتاب الجنائز للألباني بتصرف (ص ٢٠١، ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>