للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحق، فمن حيث المفهوم يقتضي أنه يستحيي من غير الحق فيعود من حينه إلى جانب الإِثبات.

الرابع: اختلف العلماء في معنى قولها: "إن الله لا يستحي من الحق" على أقوال:

أحدها: ما قدمته في أن معناه: إن الله لا يأمر بالحياء فيه ولا يمنع من ذكره، وبه جزم القرطبي في تفسيره، ونقل عن الطبري أنه قال في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي} (١) الآية أن معناها: لا يخشى، وأنه رجحه قال: وقال غيره: لا يترك، وقيل: لا يمنع.

ثانيها: أن سنة الله وشرعه أنه لا يستحيي من الحق.

ثاثها: إن الله لا يأمر بالحياء في الحق ولا يبيحه، قال الشيخ تقي الدين (٢): أما تأويله على أنه لا يمنع من ذكره فقريب؛ لأن المستحي يمتنع من فعل ما استحيا منه، فالامتناع من لوازم الحياء، فيطلق الحياء على الامتناع إطلاقًا لاسم الملزوم على اللازم، وأما قولهم: [لا يأمر بالحياء] (٣) [ولا يقبحه، فيمكن في توجيهه أن يقال: التعبير بالحياء عن الأمر بالحياء] (٤) متعلق بالحياء، فيصح إطلاق الحياء على الأمر به على سبيل إطلاق المتعلق على المتعلق، وإذا صح إطلاق الحياء على الأمر بالحياء صح إطلاق عدم الحياء من الشيء على عدم الأمر به.


(١) سورة البقرة: آية ٢٦ - انظر: تفسير الطبري (١/ ٣٩٨).
(٢) إحكام الأحكام (١/ ٣٩٤) للاطلاع على اختلاف النسخ.
(٣) في إحكام الأحكام (١/ ٣٩٤) في الحق ولا يبيحه.
(٤) زيادة من ن ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>