والمقصود من سياق الآية هنا ما دلت عليه من نفي الشفاعة التي لم تتوفر شروطها، وهي شفاعة المخلوق على سبيل الاستقلال، فيكون طلبها من المخلوق شركًا أكبر، ومن ذلك طلبها من الأوثان التي زعموا أنهم يعبدونها للشفاعة، وفي ذلك ردٌّ على المشركين الذين يدعون الأنبياء والصالحين يطلبون منهم الشفاعة (١). وَقَوْلِهِ: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} اللام في قوله: {لِّلَّهِ} لام الملك، ولفظ الجلالة خبر مقدم، والشفاعة مبتدأ مؤخر، والقاعدة أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والاختصاص، أي أن الذي يملك الشفاعة هو الله جل وعلا، ومن ثم: فهي تُطلب منه وحده، لا تُطلب من غيره، لأن الذين تُطلب منهم الشفاعة لا يملكون منها شيئًا؛ ولأن ذلك عبادة وتأله وتقرب لا يصلح ولا يكون إلا لله تعالى (٢). وقد دلت هذه الآية على ما دلت عليه الآية السابقة: وهو أن الشفاعة لله سبحانه وحده، إذ إنها لا تقع إلا لأهل التوحيد خاصة، وبشرط إذنه - عز وجل - ورضاه (٣). وَقَوْلِهِ: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} «في هذه الآية رد على المشركين الذين اتخذوا الشفعاء من دون الله من الملائكة والأنبياء والأصنام المصورة على صور الصالحين وغيرهم، وظنوا أنهم يشفعون عنده بغير إذنه فأنكر