ذلك عليهم، وبين عظيم ملكوته وكبريائه وأن أحدًا لا يتمالك أن يتكلم يوم القيامة إلا إذا أذن له في الكلام كقوله: {لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} [النبأ: ٣٨]» (١). {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} هذه الآية دلت على ما دلت عليه الآيات السابقات من أن الشفاعة لا يقبلها الله - عز وجل - إلا لمن يأذن له، ولا يقبلها إلا فيمن رضي عنه. و«هذا توبيخ من الله تعالى ذكره لعبدة الأوثان والملأ من قريش وغيرهم الذين كانوا يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزُّمَر: ٣] فقال الله جلَّ ذكره لهم: ما تنفع شفاعة ملائكتي الذين هم عندي لمن شفعوا له، إلا من بعد إذني لهم بالشفاعة له ورضاي، فكيف بشفاعة من دونهم، فأعلمهم أن شفاعة ما يعبدون من دونه غير نافعتهم» (٢). قال ابن كثير - رحمه الله -: «فإذا كان هذا في حق الملائكة المقربين، فكيف ترجون أيها الجاهلون شفاعة هذه الأصنام والأنداد عند الله، وهو تعالى لم يشرع عبادتها ولا أذن فيها، بل قد نهى عنها على ألسنة جميع رسله وأنزل بالنهي عن ذلك جميع كتبه؟ » (٣).