للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أمر عمر - رضي الله عنه - بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقُطِعت؛ لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها، فخاف عليهم الفتنة (١).

وقد روى أصحاب مالك عنه أنه كره أن يقول القائل: «زرت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -»، وعلل وجه الكراهة بقوله: «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»، فكره إضافة هذا اللفظ إلى القبر لئلا يقع التشبه بفعل أولئك سدًّا للذريعة، وحسمًا للباب (٢).

قوله: «اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى قَوْمٍ»: «الأظهر أنه إخبار عما وقع في الأمم السالفة تحذيرًا للأمة المرحومة من أن يفعلوا فعلهم، فيشتد غضبه عليهم» (٣).

«اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»: يعني بنوا عليها مواضع للعبادة، وتوجهوا إليها، وصلوا إليها، واتخاذ قبور الأنبياء مساجد من غلو الوسائل وذلك يصيِّر تلك القبور أوثانًا، فجمع عليه الصلاة والسلام بين ذكر الوسيلة، والتنفير منها.

وقد دل الحديث على أن اتخاذ القبور مساجد وسيلة لعبادة أصحابها، وذلك شرك مناف للتوحيد.


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات (٢/ ١٠٠)، وابن وضاح في البدع والنهي عنها ص (٤٢، ٤٣).
(٢) ذكره الْمُحِبُّ الطبري في القرى ص (٦٢٩)، وينظر: تيسير العزيز الحميد ص (٢٨٨).
(٣) مرقاة المفاتيح (٢/ ٦٢٨).

<<  <   >  >>