للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: «هُوَ كَقَوْلِهِمْ: كَانَتِ الرِّيحُ طَيِّبَةً، وَالمَلَّاحُ حَاذِقًا، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ جَارٍ عَلَى أَلْسِنَةِ كَثِيرٍ».



«قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ» لم أقف فيما وقع لدي من الكتب على تسمية هذا البعض.
«كَانَتِ الرِّيحُ طَيِّبَةً، وَالمَلَّاحُ حَاذِقًا» الملَّاح -بفتح الميم وتشديد اللام-: هو صاحب السفينة: قائدها، أو العامل فيها (١).
والمعنى أن السفن إذا جرين بريح طيبة بأمر الله جريًا حسنًا نسبوا ذلك إلى طيب الريح، وحذق الملاح في سياسة السفينة، ونسوا ربهم الذي أجرى لهم الفلك في البحر رحمة بهم كما قال تعالى: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [الإسراء: ٦٦]. فيكون نسبة ذلك إلى طيب الريح وحذق الملَّاح من جنس نسبة المطر إلى الأنواء.
ووجه إيراد هذا الكلام: أن هذا التعبير فيه محذور شرعي، إذ إن فيه كفرًا بنعمة الله تعالى، حيث أُسْنِد الفضل لغيره سبحانه، مع أن الفضل له أولًا وآخرًا، كما قال سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الروم: ٤٦] (٢).

<<  <   >  >>