قوله:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} اختلف المفسرون في تفسير هذه الآية على قولين: قال الشيخ الشنقيطي - رحمه الله -: «في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير معروفان عند العلماء، والقرآن يشهد لأحدهما:
الأول: أن حواء كانت لا يعيش لها ولد، فحملت، فجاءها الشيطان، فقال لها: سمي هذا الولد عبد الحارث فإنه يعيش، والحارث من أسماء الشيطان، فسمته عبد الحارث فقال تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا}[الأعراف: ٩٠] أي ولدًا إنسانًا ذكرًا، جعلا له شركاء بتسميته عبد الحارث، وقد جاء بنحو هذا حديث مرفوع وهو معلول كما أوضحه ابن كثير في تفسيره.
الوجه الثاني: أن معنى الآية أنه لما آتى آدم وحواء صالحا كفر به بعد ذلك كثير من ذريتهما، وأسند فعل الذرية إلى آدم وحواء؛ لأنهما أصل لذريتهما كما قال:{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ}[الأعراف: ١١]، أي بتصويرنا لأبيكم آدم لأنه أصلهم بدليل قوله بعده:{ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ}[الأعراف: ١١].
ويدل لهذا الوجه الأخير أنه تعالى قال بعده: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الأعراف: ١٩٠، ١٩١].
وهذا نص قرآني صريح في أن المراد المشركون من بني آدم، لا آدم وحواء، واختار هذا الوجه غير واحد لدلالة القرآن عليه، وممن ذهب إليه الحسن البصري، واختاره ابن كثير، والعلم عند الله تعالى» (١).